العم أم الخال، وحرمة بنت ولدك إنما تكون بالمصاهرة لو كانت الأخت لام لأنها تكون بنت ربيبتك، بخلافها شقيقة أو لأب لأنها بنت بنتك، وحرمة أم ولد ولدك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم ابن ابنك لأنها حليلة ابنك، بخلاف أم بنت بنتك فإنها بنتك، فقد ظهر أن التعليل بهذا غير صحيح، بل التعليل الصحيح ما ذكره بقوله: فإن حرمة أم أخته الخ كما سنبينه اه.
أقول: والجواب عن الأول أن قول الشارح: إن حرمة من ذكر بالمصاهرة المراد بمن ذكر هو أم أخيه وأخته، لأنه هو الذي سبق ذكره دون بقية الصور الآتية، ولأنه ذكر بعده تعليلا آخر شاملا للجميع وهو قوله: فإن حرمة أم أخته وأخيه الخ مع قوله: وقس عليه أخت ابنه الخ كما سنوضحه. وعن الثاني: أعني قوله: إن المصاهرة إنما تتصور على تقدير واحد فقط بأن المراد هو ذلك التقدير.
وبيان ذلك أن الحديث دل على أن كل ما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع، فيقال:
تحرم الام نسبا فكذا تحرم الام رضاعا،. وتحرم البنت نسبا فكذا تحرم البنت رضاعا، وهكذا إلى آخر المحرمات النسبية، فأم أخيك الشقيق أو لام إنما تحرم لكونها أمك لا لكونها أم أخيك، ولذا تحرم عليك ولو لم يكن لك أخ منها، فلا يحسن أن يقال: تحرم أم الأخ الشقيق أو لام لأنه يتكرر مع قولهم تحرم الام، فعلم أن المراد أم الأخ لأب فقط، ولما ورد عليه أن أم الأخ لأب إنما حرمت بالمصاهرة، والحديث إنما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب لا على حرمة المصاهرة.
أجاب بأن الاستثناء منقطع، وكذا يقال: أخت الابن إذا كانت شقيقة أو لأب إنما تحرم لكونها بنتك، وقد علم تحريم البنت من النسب فيراد بها الأخت لام لأنها ربيبتك، فلم تعلم حرمتها من محرمات النسب فلم تكن تكرارا، لكن لما لم تدخل في الحديث كان استثناؤها منقطعا، وهكذا يقال في البواقي.
والحاصل أن الحديث لما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب وكان ما يحرم من النسب من نظائر هذه المستثنيات قد يحرم من النسب على تقدير ومن المصاهرة على تقدير لم يصح أن يراد منه التقدير الأول، لأنه يلزم منه التكرار بلا فائدة، فتعين إرادة التقدير الثاني وإن كان الاستثناء فيه منقطعا، دفعا للتكرار وتنبيها على بيان ما يحل لزيادة التوضيح، هذا غاية ما يمكن توجيه كلامهم به، والله تعالى أعلم، فافهم. قوله: (وهذا المعنى مفقود في الرضاع) لان أم أخته وأخيه رضاعا ليست أمه ولا موطوءة أبيه. قوله: (وقس عليه الخ) أي قس على ما ذكر من المعنى أخت ابنه وبينه الخ بأن تقول: إنما حرمت عليه أخت ابنه وبنته نسبا لكونها بنته أو بنت امرأته، وهذا المعنى مفقود في الرضاع، وكذا جدة ابنه وبنته نسبا إنما حرمت عليه لكونها أمه أو أم امرأته، وهذا مفقود في الرضاع، وهكذا البواقي.
وبهذا التقرير علم أن التعليل المذكور بقوله: فإن حرمة أم أخته الخ جار في جميع الصور، لكن لكل صورة عبارة تليق بها فلذا قال: وقس عليه الخ وإن ضمير عليه راجع إليه لا إلى أم أخته وأخيه، حتى يرد أنه لا معنى لجعل البعض مقيسا والبعض مقيسا عليه، فافهم. قوله: (وكذا