بل تزوجها على منافع ذلك الحر حتى تصير أحق بها لأنه أجير وحد (1)، فإن صرفته في الأول فكالأول، أو في الثاني فكالثاني ا ه: أي إن صرفته واستخدمته في النوع الأول وهو ما يستدعي المخالطة فكالأول من المنع وإعطاء قيمة الخدمة، وإن استخدمته بما لا يستدعي ذلك فحكمه كالثاني من وجوب تسليم الخدمة. قوله: (وفي تعليم القرآن) أي يجب مهر المثل فيما لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو نحوه من الطاعات، لان المسمى ليس بمال. بدائع: أي لعدم صحة الاستئجار عليها عند أئمتنا الثلاثة. قوله: (وباء زوجتك بما معك) أي الوارد في حديث سهل بن سعد الساعدي (2) من قوله (ص): التمس ولو خاتما من حديد، فالتمس فلم ير شيئا، فقال عليه الصلاة والسلام: هل معك شئ من القرآن؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا، السور سماها، فقال عليه الصلاة والسلام: قد ملكتكها بما معك من القرآن ويروي أنكحتكها وزوجتكها ح عن الزيلعي. قوله: (للسببية أو للتعليل) أي بسبب لأجل أنك من أهل القرآن، فليست الباء متعينة للعوض. قوله: (لكن في النهر) أصله لصاحب البحر حيث قال: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الإجارات أن الفتوى على جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه، فينبغي أن يصح تسميته مهرا، لان ما جاز أخذ الأجرة في مقابلته من المنافع جاز تسميته صداقا كما قدمنا، نقله عن البدائع، ولهذا ذكر في فتح القدير هنا أنه لما جوز الشافعي أخذ الأجر على تعليم القرآن صحح تسميته مهرا، فكذا نقول: يلزم على المفتى به صحة تسميته صداقا، ولم أر من تعرض له، والله الموفق للصواب ا ه.
واعترضه المقدسي بأنه لا ضرورة تلجئ إلى الصحة تسميته، بل تسمية غيره تغني، بخلاف الحاجة إلى تعليمك القرآن فإنها تحققت للتكاسل عن الخيرات في هذا الزمان ا ه. وفيه أن المتأخرين أفتوا بجواز الاستئجار على التعليم للضرورة كما صرحوا به، ولهذا لم يجز على ما لا ضرورة فيه كالتلاوة ونحوها، ثم الضرورة إنما هي علة لأصل جواز الاستئجار، ولا يلزم وجودها في كل فرد من أفراده، وحيث جاز على التعليم للضرروة صحت تسميته مهرا لان منفعته تقابل بالمال كسكنى الدار، ولم يشترط أحد وجود الضرورة في المسمى، إذ يلزم أن يقال مثله في تسمية السكنى، مثلا أن تسمية غيرها تغني عنها، مع أن الزوجة قد تكون محتاجة إلى التعليم دون السكنى والمال.
واعترض أيضا في الشرنبلالية بأنه لا يصح تسمية التعليم لأنه خدمة لها وليست من مشترك مصالحهما: أي بخلاف رعي غنمها وزراعة أرضها، فإن وإن كان خدمة لها لكنه من المصالح المشتركة بينه وبينها وأجاب تلميذه الشيخ عبد الحي بأن الظاهر عدم تسليم كون التعليم خدمة لها فليس كل خدمة لا تجوز، وإنما يمتنع لو كانت الخدمة للترذيل. قال ط: وهو حسن، لان معلم القرآن لا يعد خادما للمتعلم شرعا ولا عرفا ا ه.
قلت: ويؤيده أنهم لم يجعلوا استئجار الابن أباه لرعي الغنم والزراعة خدمة، ولو كان رعى