تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١١١
فيه إلا بإذنهم فإن مات أحد بسقوطها فديته على قاقلته كما لو حفر بئرا في طريق أو وضع حجرا فتلف به إنسان ولو بهيمة فضمانها في ماله ومن جعل بالوعة في طريق
____________________
لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وهذا نظير من عليه الدين فإنه لا يسعه التأخير إذا طالبه، فلو لم يطالبه جاز له تأخيره. وعلى هذا القعود في الطريق للبيع والشراء يجوز إن لم يضر بأحد، وأن أضر لم يجز لما قلنا. وأما الخصومة فيه فقال أبو حنيفة: لكل واحد من عرض الناس أن يمنعه من الوضع وأن يكلفه الرفع بعد الوضع، سواء كان فيه ضرر ولم يكن إذا وضع بغير إذن الإمام لافتياته على رأيه لأن التدبير في أمور العامة إلى الإمام. والعرض بالضم الناحية والمراد واحد من الناس. وعلى قول أبي يوسف لكل واحد أن يمنعه من ذلك، وعلى قول محمد ليس لأحد أن يمنعه قبل الوضع ولا بعده إذا لم يكن فيه ضرر الناس لأنه مأذون له في إحداثه شرعا ألا ترى أنه يجوز له ذلك إن لم يمنعه أحد والمانع منه متعنت فلا يمكن من ذلك فصار كما لو أذن له الإمام بل أولى لأن إذن الشارع أحرى ولاية وأقوى كالمرور حتى لا يجوز لاحد أن يمنعه. وجوابه أن هذا انتفاع بما لم توضع له الطريق فكان لهم منعه وإن كان جائزا في نفسه بخلاف المرور فيه لأنه انتفاع بما وضع له فلا ن يكون لاحد منعه. قال رحمه الله: (وله التصرف في النافذ إلا إذا أضر) أي له أن يتصرف بإحداث الجرصن وغيره مما تقدم ذكره في الطريق النافذ إذا لم يضر بالعامة معناه إذا لم يمنعه أحد وقد ذكرناه. والخلاف الذي فيه فلا نعيده. قال رحمه الله: (وفي غيره لا يتصرف فيه إلا بإذنهم) أي في غير النافذ من الطريق لا يتصرف أحد بإحداث ما ذكرنا إلا بإذن أهله لأن الطريق التي ليست بنافذة مملوكة لأهلها فهم فيها شركاء ولهذا يستحقون بها الشفعة والتصرف في الملك المشترك من الوجه الذي لم يوضع له لا يملك إلا بإذن الكل أضربهم أو لم يضر بخلاف النافذ لأنه ليس لأحد فيه ملك فيجوز الانتفاع به ما لم يضر بأحد، ولأنه إذا كان حق العامة فيتعذر الوصول إلى إذن الكل فجعل كل واحد كأنه هو المالك وحده في حق الانتفاع ما لم يضر بأحد ولا كذلك غير النافذ لأن الوصول إلى ارضائهم ممكن فيبقى على شركته حقيقة وحكما. وفي المنتقي: إنما يؤمر برفع هذه الأشياء إذا علم حدوثها فلو كانت قديمة فليس لأحد حق الرفع وإن لم يدر حال هذه الأشياء تجعل قديمة وهذا هو الأصل.
قال رحمه الله: (فإن مات أحد بسقوطها فديته على عاقلته كما لو حفر بئرا في طريق أو وضع حجرا فتلف به إنسان) أي إذا مات إنسان بسقوط ما ذكره من كنيف أو ميزاب أو جرصن فديته على عاقلة من أخرجه إلى الطريق لأنه تسبب للهلاك متعديا في إحداث ما تضرر به المارة بإشغال هواء الطريق به أو بإحداث ما يحول بينهم وبين الطريق، وكذا إذا عثر
(١١١)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 104 105 110 111 117 119 121 122 125 ... » »»
الفهرست