تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١١٧
بأمر السلطان أو في ملكه أو وضع خشبة فيها أو قنطرة بلا إذن الإمام فتعمد الرجل
____________________
قال رحمه الله: (ولو بهيمة فضمانها في ماله) أي لو كان الهالك في البئر أو بسقوط الجرصن بهيمة يكون ضمانها في ماله لأن العاقلة لا تتحمل ضمان المال وإبقاء الميزاب واتخاذ الطين في الطريق بمنزلة إلقاء الحجر والخشبة لأن كل واحد من ذلك مسبب بطريق من التعدي بخلاف ما إذا كان في ملكه لعدم التعدي، وبخلاف ما إذا كنس الطريق فعطب بموضع كنسه إنسان حيث لم يضمن لأنه ليس بمتعد فيه لأنه لم يحدث فيه شيئا وإنما قصد إماطة الأذى عن الطريق حتى لو جمع الكناسة في الطريق فعطب بها إنسان ضمن لوجود التعدي بشغله الطريق. ولو وضع حجرا فنجاه غيره عن موضعه فتلف به نفس أو مال كان ضمانه على من نجاه لأن فعل الأول قد انتسخ، وكذا إذا صب الماء في الطريق أو رش أو توضأ فعطب به نفس أو مال يضمن لأنه متعد فيه بخلاف ما إذا فعل ذلك في سكة غير نافذة وهو من أهلها أو قعد فيه أو وضع خشبة أو متاعة لأن الكل واحد من أهله أن يفعل ذلك لكونه من ضرورات السكن كما في الدار المشتركة بخلاف الحفر لأنه ليس من ضرورات السكن فيضمن ما عطب به كالدار المشتركة غير أنه لا يضمن في السكة ما نقص بالحفر، وفي الدار المشتركة يضمن لأن لشريكه ملكا حقيقة في الدار حتى يبيع نصيبه ويقسم بخلاف السكة قالوا: هذا إذا رش ماء كثيرا بحيث يزلق منه عادة، وأما إذا لم يجاوز المعتاد لا يضمن.
ولو تعمد المرور في موضع الصب مع علمه به لا يضمن الراش لأنه هو الذي خاطر بنفسه فصار كمن وثب في الطريق من جانب إلى جانب فوقع فيها بخلاف ما إذا كان بغير علمه بأن كان ليلا أو أعمى، وقيل يضمن مع العلم أيضا إذا رش جميع الطريق لأنه مضطر إلى المرور فيه، وكذا الحكم في الخشبة الموضوعة في الطريق في جميع أجزاء الطريق أو بعضه، ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فضمان ما عطب على الآمر استحسانا. قال رحمه الله: (ومن جعل بالوعة في طريق بأمر السلطان أو في ملكه أو وضع خشبة فيها) أي في الطريق (أو قنطرة بلا إذن الإمام فتعمد الرجل المرور عليها لم يضمن) أما بناء البالوعة بأمر الإمام أو في ملكه ووضع الخشبة فلانه ليس بمتعد، وأما بناء القنطرة فلان الباني فوت حقا على غيره فإن التدبير في وضع القنطرة من حيث تعيين المكان للإمام فكانت جناية بهذا الاعتبار فتعمد رجل المرور عليها لم يضمن ووضع الخشبة والقنطرة وإن وجد التعدي منه فيهما لكن تعمده المرور عليهما يسقط النسبة إلى الواضع لأن الواضع متسبب والمار مباشر فصار هو صاحب علة فلا يعتبر التسبب معه وقد بيناه فيما مضى. وإن استأجر أجراء يحفرون له في غير فنائه فضمانه على المستأجر ولا شئ على الآجر إن لم يعلموا أنه في غير فنائه لأن أمره قد صح إذا لم يعلموا فنقل فعلهم إلى الآمر لأنهم مغرورون من جهته فصار كما إذا أمر أجيرا بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره يضمن المأمور ويرجع به على الآمر لكونه مغرورا من جهته،
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 104 105 110 111 117 119 121 122 125 126 ... » »»
الفهرست