تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣١١
وفاسق بدل بغيرهم والى عبده وورثته صغار صح وإلا لا ومن عجز عن القيام ضم
____________________
فلان فجن الأول جنونا مطبقا فالقاضي يجعل مكانه وصيا حتى يموت الذي جن فيكون الذي سماه الموصى وصيا فقد ذكر ابن سماعة عن محمد رحمه الله في نوادره فيمن أوصى إلى ابن صغير له قال، يجعل القاضي له وصيا يجوز أمره، وإذا بلغ ابنه جعله وصيا وأخرج الأول إن شاء ولا يخرج إلا بالاخراج. قال رحمه الله: (وإلى عبده وورثته صغار صح) أي إذا أوصى إلى عبد نفسه وورثته صغار جاز الايصاء إليه، وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لا يجوز وهو القياس لأن الولاية منعدمة لما أن الرق ينافيها ولان فيه الولاية للمولك على المالك وفي هذا قلب المشروع، ولان الولاية الصادرة من الأب لا تتجزئ في اعتبار هذه الولاية تجزؤها لا يملك بيع رقبته وهذا خلاف الموضوع. ولأبي حنيفة أنه مخاطب مستند بالتصرف فيكون أهلا للوصاية وليس لأحد عليه الولاية فإن الصغار وإن كانوا ملاكا فليس لهم ولاية التصرف فلا منافاة. فإن قيل: إن لم يكن لهم ذلك فللقاضي أن يبيعه فيتحقق المنع والمنافاة أجيب بأنه إذا ثبت الايصاء لم يبق للقاضي ولاية بخلاف ما إذا كان في الورثة كبار أو أوصى إلى عبد الغير لأنه لا يستبد إذا كان للمولى منعه بخلاف الأول لأنه ليس له بيعه وإيصاء المولى إليه يؤذي بكونه ناظرا لهم فصار كالمكاتب والوصايا قد تجزأ على ما رواه الحسن عن أبي حنيفة كما إذا أوصى لرجلين أحدهما يكون في الدين والآخر في العين فيكون كل واحد منهما وصيا فيما أوصى إليه خاصة أو نقول يصار إليه كيلا يؤدي إلى إبطال أصله، وتعيين الوصف بإبطال عموم الولاية أولى من إبطال أصل الايصاء، وقول محمد فيه مضطرب ويروي مع أبي حنيفة ويروي مع أبي يوسف. قال رحمه الله: (وإلا لا) يعني إن لم تكن الورثة صغارا بأن كانوا كلهم أو بعضهم كبارا لا يجوز الايصاء لأن الكبير له أن يمنعه أو يبيع نصيبه فيمنعه المشتري فيعجز عن الوفاء بما التزم فلا يفسد. قال رحمه الله: (ومن عجز عن القيام ضم إليه غيره) لأن في الضم رعاية الحقين حق الوصي وحق الورثة لأن تكميل النظر يحصل به لأن النظر يتم بإعانة غيره، ولو شكى الوصي إليه ذلك فلا يجيبه حتى يعرف ذلك حقيقة لأن الشاكي قد يكون كاذبا على نفسه، ولو ظهر للقاضي عجزه أصلا استبدل به غيره رعاية للنظر من الجانبين، ولو كان قادرا على التصرف وهو أمين فيه ليس للقاضي أن يخرجه لأن مختار الميت، ولو اختار غيره كان دونه فكان إبقاؤه أولى ألا ترى أنه قدم على أب الميت مع وفور شفقته فأولى أن يقدم على غيره، وكذا إذا شك الورثة أو بعضهم الوصي إليه لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه خيانة لأنه استفاد الولاية من الميت غير أنه إذا ظهرت الخيانة فاتت الأمانة، والميت إنما اختاره لأجلها وليس من النظر ابقاؤه بعد فواتها، ولو كان حيا لأخرجه منها فينوب القاضي منابه عند عجزه ويقيم غيره مقامه كأنه مات ولا وصي له.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 309 311 312 314 315 320 322 ... » »»
الفهرست