البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٢
باب حد الشرب أي الشرب المحرم أخره عن الزنا لأنه أقبح منه وأغلظ عقوبة، وقدمه على حد القذف لتيقن الحرمة في الشارب دون القاذف لاحتمال صدقه، وتأخير حد السرقة لأنه لصيانة الأموال التابعة للنفوس. قوله: (من شرب خمرا وأخذ وريحها موجود أو كان سكران ولو بنبيذ وشهد رجلان أو أقر مرة حدان علم شربه طوعا وصحا) للحديث من شرب الخمر فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه (1) أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي. ثم نسخ القتل في الرابعة بما رواه النسائي أنه عليه السلام قد أتى برجل شرب الخمر في الرابعة فجلدوه ولم يقتله. وزاد في لفظ فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن القتل قد ارتفع. أطلق في شرب الخمر فشمل القطرة الواحدة كما سيصرح به آخرا، وفي وجود ريحها فشمل ما إذا كان الريح موجودا وقت الشهادة أو وقت رفعه إلى الحاكم وهي على وجهين: فإن كان المكان قريبا فلا بد من وجود الرائحة عند أداء الشهادة بأن يشهدا بالشرب وبقيام الرائحة أو يشهدا به فقط فيأمر القاضي باستنكاهه فيستنكهه ويخبره بأن ريحها موجود، فإن شهدا به بعد مضي ريحها مع قرب المكان فسيأتي، وإن كان المكان بعيدا فزالت الرائحة فلا بد أن يشهدا بالشرب ويقولا أخذناه وريحها موجود لأن مجيئهم به من مكان بعيد لا يستلزم كونهم أخذوه في حال قيام الرائحة فيحتاجون إلى ذكر ذلك للحاكم. ولو أخر المصنف اشتراط وجود الرائحة عن السكران بأن قال بعد قوله ولو بنبيذ وأخذ وريح ما شرب منه موجود لكان أولى لأنه لا بد من وجود رائحة الشرب الذي شربه خمرا كان أو نبيذا سكر منه. وقد ذكر المصنف الريح حيث قال موجود. وفي الهداية: وريحها موجودة وهو الحق لأن الريح من الأسماء المؤنثة السماعية كما في غاية البيان. وقيد بالرجلين لأن شهادة النساء لا تقبل في الحدود للشبهة. ولم يذكر المصنف أن القاضي يسأل الشهود كما يسألهم في الزنا وقد ذكره قاضيخان في الفتاوي فقال: وإذا شهد
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست