البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحدود الحد عقوبة مقدرة لله تعالى والزنا وطء في قبل خال عن ملك وشبهته ويثبت كتاب الحدود لما كانت اليمين للمنع في أحد نوعيها ناسب أن يذكر الحدود عقيبها لأن الحد في اللغة المنع ومنه سمي البواب حدادا لمنعه الناس عن الدخول، والسجان حدادا لمنعه عن الخروج، وحدود الديار نهاياتها لمنعها عن دخول ملك الغير فيها وخروج بعضها إليه، وسمي اللفظ الجامع المانع حدا لأنه يجمع معنى الشئ ويمنع دخول غيره فيه، وسميت العقوبات الخالصة حدودا لأنها موانع من ارتكاب أسبابها معاودة، وحدود الله محارمه لأنها ممنوع عنها ومنه * (تلك حدود الله فلا تقربوها) * (البقرة: 187) وحدود الله أيضا أحكامه لأنها تمنع من التخطي إلى ما وراءها ومنه حدود الله فلا تعتدوها ولان كفارة اليمين دائرة بين العقوبة والعبادة فناسب أن يذكر العقوبات المحضة بعدها.
قوله: (الحد عقوبة مقدر لله تعالى) بيان لمعناه شرعا فخرج التعزير لعدم التقدير ولا ينافيه قولهم إن أقله ثلاثة وأكثره تسعة وثلاثون سوطا لأن ما بين الأقل والأكثر ليس بمقدر، ولأنه يكون بغير الضرب. وخرج القصاص لأنه حق العبد فلا يسمى حدا اصطلاحا على المشهور، وقيل يسمى به فهو العقوبة المقدرة شرعا فهو على هذا قسمان: قسم يصح فيه العفو وهو القصاص، وقسم لا يصح فيه وهو ما عداه. وعلى الأول المشهور الحد لا يقبل الاسقاط مطلقا بعد ثبوت سببه عند الحاكم، وعلى هذا يبنى عدم جواز الشفاعة فيه فإنها
(٣)
مفاتيح البحث: القصاص (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست