البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٠
يورث. وقوله إن ظهروا عبيدا مثال بل المراد أن ظهر أنهم ليسوا أهلا للشهادة ولو كانوا كفارا. ثم اعلم أنه وقع في كثير من الكتب وجوب الضمان على المزكين بظهورهم عبيدا من غير تقييد برجوع المزكين حتى جعلها في المنظومة مسألتين: المسألة الأولى فيما إذا ظهروا عبيدا.
الثانية إذا رجع المزكون وليس الامر كذلك. والحاصل أن ظهور الشهود عبيدا وعدمه لا تأثير له في ضمان المزكين وإنما الموجب عليهم هو الرجوع فقط عند الإمام، وإذا لم ير جعوا وظهروا عبيدا فالضمان في بيت المال اتفاقا.
قوله: (كما لو قتل من أمر برجمه فظهروا كذلك) أي يضمن المزكون الدية كما يضمن القاتل لمن أمر القاضي برجمه فظهر الشهود أنهم ليسوا أهلا للشهادة. وفي القياس يجب القصاص على قاتله لأنه قتل نفسا معصومة بغير حق. وجه الاستحسان أن القضاء صحيح ظاهرا وقت القتل فأورث شبهة. وأشار بكون القاتل ضامنا إلى أن الدية في ماله لأنه عمد والعواقل لا تعقل دم العمد وتجب في ثلاث سنين لأنه وجب بنفس القتل بخلاف الواجب بالصلح حيث يجب حالا لأنه وجب بالعقد فأشبه الثمن في البيع. وقيد بقوله وأمر القاضي برجمه لأنه لو قتله بعد التزكية قبل القضاء بالرجم وجب القصاص في العمد والدية في الخطأ على عاقلته. والمراد من الامر بالرجم القضاء به فاستلزم أن يكون بعد التزكية، فلو أمر برجمه بعد الشهادة قبل التعديل خطأ من القاضي فقتله رجل عمدا وجب القصاص، أو خطأ وجبت الدية في ثلاث سنين. وقيد بقوله فظهروا كذلك لأنه لو قتله بعد الامر بالرجم ولم يظهر الشهود كذلك فلا شئ عليه. ولم يذكر المصنف تعزير القاتل ولا شك فيه لافتياته على الإمام كما في فتح القدير. وقيد بقتل المأمور برجمه لأن من قتل من قضى بقتله قصاصا فإنه يقتص منه، سواء ظهر الشهود عبيدا أو لا، لأن الاستيفاء للولي، كذا في التبيين من كتاب الردة. قوله: (وإن رجم فوجدوا عبيدا فديته في بيت المال) لأنه امتثل أمر الإمام فنقل فعله إليه، كذا في الهداية. وهو يقتضي أن يضبط رجم بالبناء للفاعل أي وإن رجم رجل من أمر القاضي برجمه، فالمسألة الأولى بيان لقتله بالسيف، والثانية بيان لقتله بالرجم، واقتصر عليه في فتح القدير. ويجوز أن يكون مبنيا للمفعول أي إن رجم المشهود عليه بالزنا في هذه الحالة ثم تبين حال الشهود، كذا في غاية البيان. ولم أر هل تؤخذ الدية حالا أو مؤجلة قوله: (وإن قال شهود الزنا تعمدنا النظر قبل شهادتهم) لأنه يباح النظر لهم إلى الفرج ضرورة تحمل الشهادة فأشبه الطبيب والقابلة والخافضة والختان والاحتقان والبكارة في العنة
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست