فصل في كيفية القطع وإثباته لما كان القطع حكم السرقة ذكره عقبه لأن حكم الشئ يعقبه قوله: (وتقطع يمين السارق من الزند) لقوله تعالى * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * (المائدة: 38) والمعنى يديهما وحكم اللغة أن ما أضيف من الخلق إلى اثنين لكل واحد واحد أن يجمع مثل قوله تعالى * (فقد صغت قلوبكما) * (التحريم: 66) وقد يثنى والأفصح الجمع. وأما كونها اليمين فبقراءة ابن مسعود رضي الله عنه فاقطعوا أيمانهما وهي مشهورة فكان خبرا مشهورا فيقيد إطلاق النص فهذا من تقييد المطلق لا من بيان المجمل لأن الصحيح أنه لا إجمال في الآية وقد قطع عليه السلام اليمين والصحابة رضي الله عنهم. وأما كونه من الزند - وهو مفصل الرسغ ويقال الكوع وهو مذكر كما في المغرب - فلانه المتوارث ومثله لا يطلب له سند بخصوصه كالمتواتر ولا يبالي فيه بكفر الناقلين فضلا عن فسقهم أو ضعفهم قوله: (وتحسم) أي تكوي كي ينقطع الدم لقوله عليه السلام فاقطعوه واحسموه ولأنه لو لم يحسم يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف - كذا في الهداية - وهو يقتضي وجوبه. وفي المغرب: الحسم أن يغمس في الدهن الذي أغلى. وفي فتح القدير: وثمن الزيت وكلفة الحسم على السارق عندنا. والمنقول (عن) الشافعي وأحمد أنه يسن تعليق يده في عنقه لأنه عليه السلام أمر به رواه أبو داود وابن ماجة. وعندنا ذلك مطلق للإمام إن رآه لم يثبت عنه عليه السلام في كل من قطعة ليكون سنة قوله: (ورجله اليسرى إن عاد) لقوله عليه السلام فإن عاد فاقطعوه وعليه إجماع المسلمين. ولم يذكر المصنف نهاية القطع من الرجل لأنه يقطع من الكعب عند أكثر العلماء وفعل عمر رضي الله عنه ذلك. وقال أبو ثور والروافض: يقطع من نصف القدم من معقد الشراك لأن عليا كان يفعل كذلك ويدع له عقبا يمشي عليها اه قوله: (فإن سرق ثالثا حبس حتى يتوب ولم يقطع) لقول علي رضي الله عنه فيه: إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي عليها فلهذا حاج بقية الصحابة رضي الله عنهم فحجهم فانعقد إجماعا، ولأنه إهلاك معنى لما فيه من تفويت جنس المنفعة والحد زاجر ولأنه نادر الوجود والزجر فيما يغلب بخلاف القصاص لأنه حق العبد فيستوفي ما أمكن جبرا لحقه. وما ورد من الحديث من قطع يده اليسرى في الثالثة والرجل اليمنى في الرابعة
(١٠٣)