كتاب السرقة لما كانت صيانة الأموال مؤخرة عن صيانة النفوس والعقول والاعراض أخر زاجر ضياعها. وهي في اللغة أخذ الشئ في خفاء وحلية. يقال سرق منه مالا وسرقه سرقا وسرقة، ويسمى الشئ المسروق سرقة مجازا، كذا في المغرب. وأما في الشريعة فلها تعريفان: تعريف باعتبار الحرمة وتعريف باعتبار ترتب حكم شرعي وهو القطع. أما الأول فهو أخذ الشئ من الغير على وجه الخفية بغير حق، سواء كان نصابا أو لا. وأما الثاني فهو ما ذكره المصنف بقوله: (هو أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة محرزة بمكان أو حافظ) أطلق في الاخذ فشمل الحقيقي والحكمي، فالأول هو أن يتولى السارق أخذ المتاع بنفسه، والثاني هو أن يدخل جماعة من اللصوص من زل رجل ويأخذوا متاعه ويحملوه على ظهر رجل واحد ويخرجوه من المنزل، فإن الكل يقطعون استحسانا وسيأتي، فخرج بالتكليف الصبي والمجنون لأن القطع عقوبة وهما ليسا من أهلها فهما مخصوصان من آية السرقة لكنهما يضمنان المال. وإن كان يجن ويفيق، فإن سرق في حال جنونه لم يقطع، وإن كان في حال الإفاقة قطع. ولو سرق جماعة فيهم صبي أو مجنون يدرأ عنهم القطع، كذا في البدائع.
وشمل الذكر والأنثى والحر والعبد ولو آبقا والمسلم والكافر كما في البدائع. وخرج بقيد الخفية ما أخذ جهرا مغالبة أو نهبا أو اختلافا فإنه لا قطع فيه. وأفاد بقوله الاخذ خفية إلى أن الشرط الخفية وقت الاخذ أو دخول الحرز ليلا كان أو نهارا، وأما الخفية في الانتهاء فإن كانت السرقة نهارا في المصر فهي شرط أيضا وما بين العشاء والعتمة من النهار ولذا قال في الاختيار: ولو دخل بين العشاء والناس منتشرون فهو بمنزلة النهار، وإن كانت السرقة ليلا فليست بشرط حتى لو دخل البيت ليلا خفية ثم أخذ المال مجاهرة ولو بعد مقاتلة من في يده