البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٩
كتاب الشركة أولاها للمفقود لتناسبهما بوجهين: كون مال أحدهما أمانة في يد الآخر كما أن مال المفقود أمانة في يد الحاضر، وكون الاشتراك قد يتحقق في مال المفقود كما لو مات مورثه وله وارث آخر والمفقود حي. والشركة لغة خلط النصيبين بحيث لا يتميز أحدهما، وما قيل إنه اختلاط النصيبين تساهل فإن الشركة اسم المصدر والمصدر الشرك مصدر شركت الرجل أشركه شركا فظهر أنها فعل الانسان وفعله الخلط، وأما الاختلاط فصفة للمال تثبت عن فعلهما ليس لها اسم من المادة ولا يظن أن اسمه الاشتراك لأن الاشتراك فعلهما أيضا مصدر اشترك الرجلان افتعال من الشركة، كذا في فتح القدير. وذكر أنها بإسكان الراء في المعروف وسكت عن الأول. وفي القاموس: الشرك والشركة بكسرهما وضم الثاني بمعنى. وقد اشتركا وشارك أحدهما الآخر. والشرك بالكسر وكأمير المشارك والجمع أشراك وشركاء اه‍.
وفي التبيين: إطلاق الشركة على العقد مجاز لكونه سببا له. وفي فتح القدير: وركنها في شركة العين اختلاطهما، وفي شركة العقد اللفظ المفيد له ويقال الشركة على العقد نفسه، فإذا قيل شركة العقب الإضافة فهي إضافة بيانية. وشرعيتها بالكتاب والسنة والمعقول، أما الكتاب فقوله تعالى * (فهم شركاء في الثلث) * (النساء: 12) وهو خاص بشركة العين. وأما السنة فما في سنن أبي داود عن السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كنت شريكي في الجاهلية كما في فتح القدير. وفي المحيط: شرط جوازها كون الواحد قابلا للشركة وحكمها في شركة الملك صيرورة المجتمع من النصيبين مشتركا بينهما وفي شركة العقد صيرورة المعقود عليه أو ما يستفاد به مشتركا بينهما. قوله: (شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء) بيان للنوع الأول منها، وقوله إرثا أو شراء مثال لا قيد فلا يرد أن ظاهره القصر عليهما مع أنه لا
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست