البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٥٣
قوله: (ولا ينزع عنه غير الفرو والحشو) إظهارا للتخفيف لأن سببه غير متيقن به لاحتمال صدق القاذف فلا يقام على الشدة، وأما الفرو والحشو فيمنعان وصول الألم فينزعان بخلاف حد الزنا والشرب فإنه ينزع عنه ثيابه كلها إلا الإزار كما قدمناه. والمراد بالحشو الثوب المحشو كالمضرب بالقطن، ومقتضى كلامهم أنه لو كان عليه ثوب ذو بطانة غير محشو لا ينزع. وفي فتح القدير: والظاهر أنه لو كان فوق قميص ينزع لأنه يصير مع القميص كالمحشو أو قريبا منه ويمنع من إيصال الألم الذي يصلح زاجرا قوله: (وإحصانه بكونه مكلفا حرا مسلما عفيفا عن الزنا) فخرج الصبي والمجنون لأنه لا يتصور منهما الزنا إذ هو فعل محرم والحرمة بالتكليف. وفي الظهيرية: إذا قذف غلاما مراهقا فادعى الغلام البلوغ بالسن أو الاحتلام لم يجد القاذف بقوله وخرج العبد لأن الاحصان ينتظم الحرية قال تعالى * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * (النساء: 25) فقذف العبد ولو مدبرا أو مكاتبا يوجب التعزير على قاذفه لا الحد. وخرج الكافر لقوله عليه السلام من أشرك بالله فليس بمحصن.
وفي الخانية: ولا يجب حد القذف إلا أن يكون المقذوف حرا ثبت حريته بإقرار القاذف أو بالبينة إذا أنكر القاذف حريته، وكذا لو أنكر القاذف حرية نفسه وقال أنا عبد وعلى حد العبيد كان القول قوله اه‍. ويثبت الاحصان بشهادة رجل وامرأتين وبعلم القاضي، ولا يحلف القاذف أنه لا يعلم أن المقذوف محصن، كذا في فتح القدير. وفي الظهيرية: لو قال لامرأته زنيت وأنت كافرة وأنت في الحال مسلمة فإنه يجب اللعان، وكذلك لو قال زنيت وهي أمة وهي في الحال حرة لأنه لو قال ذلك للأجنبية يجب الحد، وهذا بخلاف ما لو قال قذفتك وأنت كافرة أو وأنت أمة اه‍. وخرج غير العفيف لأن الاحصان ينتظم العفة أيضا قال تعالى * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) * (المائدة: 5) أي العفائف، ولان المقذوف إذا لم يكن
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست