البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٦
لأنهم لو شهدوا عليه بالشرب وهو سكران قبلت شهادتهم، وكذا بالزنا وهو سكران كما إذا زنى وهو كران، وكذا بالسرقة وهو سكران ويحد بعد الصحو ويقطع لأن الانشاء لا يحتمل الكذب فيعتبر فعله فيما ينفذ من غير قصد واعتقاد. وهذا كله إذا سكر من المحرم، وأما إذا سكر بالمباح كشرب المضطر والمكره. والمتخذ من الحبوب والعسل والدواء والبنج فلا تعتبر تصرفاته كلها لأنه بمنزلة الاغماء لعدم الجناية. وفي الخانية: وإن زال عقله بالبنج فطلق إن كان حين تناوله البنج علم أنه بنج يقع الطلاق، وإن لم يعلم لا يقع. وعن أبي يوسف ومحمد لا يقع من غير فصل وهو الصحيح اه‍. وهذا يدل على أن البنج حلال مطلقا على الصحيح.
وقوله بأن زال عقله بيان لحد السكر فعند أبي حنيفة السكران من النبيذ الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا قليلا ولا كثيرا، ولا يعقل الرجل من المرأة ولا الأرض من السماء، وقالا:
هو الذي يهذي ويختلط كلامه غالبا، فإن كان نصفه مستقيما فليس بسكران لأنه السكران في العرف وإليه مال أكثر المشايخ. وله أن يؤخذ في أسباب الحدود بأقصاها درأ للحد ونهاية السكران يغلب السرور على العقل فيسلبه الميز بين شئ وشئ، وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو. والمعتبر في القدح المسكر في حق الحرمة ما قالاه بالاجماع أخذا بالاحتياط.
وفي الخانية: وبقولهما أفتى المشايخ. وفي فتح القدير: واختاروه للفتوى لضعف دليل الإمام. واستدل له في الظهيرية بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من بات سكران بات عروسا للشيطان فعليه أن يغتسل إذا أصبح. فهذا إشارة إلى أن السكران من لا يحس بشئ مما يصنع به. وحكي أن أئمة بلخ اتفقوا على أنه يستقرأ سورة من القرآن فإن أمكنه أن يقرأها فليس بسكران حتى يحكي أن أميرا ببلخ أتاه بعض الشرطي - بسكون الراء -
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست