قوله: (فإن حاصرناهم ندعوهم إلى الاسلام) أي ضيقنا بالكفار وأحطنا بهم يقال حاصره العدو محاصرة وحصارا إذا ضيقوا عليه وأحاطوا به فطلب منهم الدخول في دين الاسلام لما روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما قط إلا دعاهم. وفي الصحيح أمر ت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (1) ولم يذكر المصنف ما يصير به الكافر مسلما وهو نوعان: قول وفعل. والكفار أقسام: قسم يجحدون الباري جل وعلا وإسلامهم إقرارهم بوجوده، وقسم يقرون به ولكن ينكرون وحدانيته وإسلامهم إقرارهم بوحدانيته، وقسم أقروا بوحدانيته وجحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وإسلامهم إقرارهم برسالته صلى الله عليه وسلم، فالأصل أن كل من أقر بخلاف ما كان معلوما من اعتقاده أنه يحكم بإسلامه وهذا في غير الكتابي، أما اليهودي والنصراني فكان إسلامهم في زمنه عليه السلام بالشهادتين لأنهم كانوا ينكرون رسالة النبي عليه الصلاة والسلام، وأما اليوم ببلاد العراق فلا يحكم بإسلامه بهما ما لم يقل تبرأت عن ديني ودخلت في دين الاسلام لأنهم يقولون أنه أرسل إلى العرب والعجم لا إلى بني إسرائيل، كذا صرح به محمد رحمه الله، وإنما شرط مع التبري إقرارهم بالدخول في الاسلام لأنه قد يتبرأ من اليهودية ويدخل في النصرانية أو في المجوسية. ولو قيل لنصراني أمحمد رسول الله حق فقال نعم لا يصير مسلما وهو الصحيح، ولو قال رسول إلى العرب والعجم لا يصير مسلما لأنه يمكنه أن يقول هو رسول إلى العرب والعجم إلا أنه لم يبعث بعد. فإن قيل: يجب أن لا يحكم بإسلام اليهودي والنصراني وإن أقر برسالة محمد عليه السلام وتبرأ عن دينه ودخل في دين الاسلام ما لم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ويقر بالبعث وبالقدر خيره وشره من الله تعالى لأنها من شرائط الاسلام كما في حديث جبريل عليه السلام قلنا: الاقرار بهذه الأشياء وإن لم يوجد نصا فقد وجد دلالة لأنه لما أقر بدخوله في الاسلام فقد التزم جميع ما كان شرط صحته. ولو قال الكتابي أنا مسلم أو أسلمت لا يحكم بإسلامه لأنهم يدعون ذلك لأنفسهم، وكذا لو قال أنا على دين الحنيفية.
ولو قال الذمي لمسلم أنا مسلم مثلك يصير مسلما، كذا في الذخيرة والفتاوي. فالحاصل أن الكتابي اليوم إذا أتى بالشهادتين لا يحكم بإسلامه. وفي الفتاوي السراجية: سئل إذا قال