البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٢٤
من بقية الأنواع ولذا لم يذكر الفئ في الذخيرة والولوالجية إنما ذكر مال بيت المال وهو الحق. وفي الذخيرة: ثم من كان قادرا على الجهاد بنفسه وماله فعليه أن يجاهد بنفسه وماله قال الله تعالى * (وجاهدوا في الله حق جهاده) * (الحج: 78) وحق الجهاد أن يجاهد بنفسه وماله، ولا ينبغي له في هذه الحالة أن يأخذ من غيره جعلا. ومن عجز عن الخروج وله مال ينبغي أن يبعث غيره عن نفسه بماله، ومن قدر بنفسه ولا مال له فإن كان في بيت المال مال يعطيه الإمام كفايته من بيت المال، فإن أعطاه كفايته لا ينبغي أن يأخذ من غيره جعلا وإلا فله أن يأخذ الجعل من غيره. قال ركن الاسلام علي السغدي: إذا قال القاعد للشاخص خذ هذا المال فاغز به فإنه ليس باستئجار على الجهاد، فأما إذا قال خذه لتغزو به عني فهذا استئجار على الجهاد فلا يجوز، وينبغي أن تكون مسألة الحج على هذا التفصيل. وإذا دفع الرجل إلى غيره جعلا ليغزو به عنه هل له أن يصرفه في غير الغزو؟ فهو على وجهين: إن قال له أغز بهذا المال عني فليس له صرفه في غيره كقضاء دينه ونفقة أهله كمن دفع إلى آخر مالا وقال حج به عني، وإن قال اغز به فله صرفه إلى غيره كمن دفع مالا وقال حج به لأنه ملكه المال وأشار إليه إشارة فله أن لا يأخذ بإشارته كقوله هذه الدار لك فاسكنها وهذا الثوب لك فالبسه كان له أن لا يسكنها ولا يلبسه. وفي شرح السير: إن للمدفوع إليه أن يترك بعض الجعل لنفقة عياله على كل حال لأنه لا يتهيأ له الخروج إلا بهذا فكان من أعمال الجهاد معنى. وتفرع على الوجهين ما إذا عرض له عارض من مرض أو غيره فأراد أن يدفع إلى غيره أقل مما أخذ ليغزو به، فإن كان مراده إمساك الفضل لرب المال فلا بأس به، وإن كان مراده الامساك لنفسه ففي الوجه الأول لا يملك ذلك لأنه ما ملكه بل أباح له الانفاق على نفسه في الغزو، وفي الثاني يملكه لأن له أن لا يغزو أصلا، كذا في الذخيرة مختصرا.
وفي الظهيرية: وينبغي أن تكون ألوية المسلمين بيضاء والرايات سوداء واللواء للإمام والرايات للقواد، وينبغي أن يتخذ لكل قوم شعارا حتى إذا ضل رجل عن رايته نادى بشعاره وليس ذلك بواجب. والشعار العلامة والخيار إلى إمام المسلمين إلا أنه ينبغي له أن يختار كلمة دالة على ظفرهم بالعدو وبطريق التفول. ويكره للغزاة اتخاذ الأجراس في دار الحرب لأنه يدلهم على المسلمين، أما في بلاد الاسلام فلا بأس به، ولا بأس بهذه الطبول التي تضرب في الحرب لاجتماع الناس واستعدادهم للقتال لأنها ليست بطبول لهو. وينبغي أن يكون أمير الجيش بصيرا بأمر الحرب حسن التدبير لذلك ليس ممن يقتحم بهم المهالك ولا مما يمنعهم عن الفرصة، وينبغي للإمام أن يستقبل الصفوف ويطوف عليهم يحضهم على القتال ويبشرهم بالفتح إن صدقوا وصبروا، كذا في الظهيرية مختصرا.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست