البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٣٠
الضياع والفضيحة وتعريض المصاحف على الاستخفاف فإنهم يستخفون بها مغايظة للمسلمين وهو التأويل الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو وما في الكتاب هو الأصح والأحوط خلافا لما ذكره الطحاوي من أنه لا كراهة في إخراج المصحف مطلقا.
أطلق المرأة فشمل الشابة والعجوز للمداواة أو غيرها، كذا في الذخيرة. وقيد بالسرية لأنه لا كراهة في الاخراج إذا كان جيشا يؤمن عليه لأن الغالب هو السلامة والغالب كالمتحقق. وفي المغرب: ولم يرد في تحديد السرية نص، ومحصول ما ذكره محمد في السير أن التسعة وما فوقها سرية، وأما الأربعة والثلاثة ونحو ذلك طليعة لا سرية اه‍. وفي الخانية قال أبو حنيفة: أقل السرية مائتان وأقل الجيش أربعمائة.
وقال الحسن بن زياد: أقل السرية أربعمائة وأقل الجيش أربعة آلاف. وفي المبسوط: السرية عدد قليل يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار اه‍. وفي فتح القدير: وينبغي كون العسكر العظيم اثني عشر ألفا لما روي أنه عليه السلام قال لن تغلب أثناء عشر ألفا من قلة (2) وهو أكثر ما روي فيه اه‍. وظاهر مفهوم المختصر أن في الجيش لا يكره إخراج المرأة مطلقا وخصوه بالعجائز للطب والمداواة والسقي، ويكره إخراج الشواب ولو احتيج إلى المباضعة فالأولى إخراج الإماء دون الحرائر والأولى عدم اخراجهن أصلا خوفا من الفتن. ولا تباشر المرأة القتال إلا عند الضرورة لأنه يستدل به على ضعفهم. وأراد بالمصحف ما يجب تعظيمه ويحرم الاستخفاف به فيكره إخراج كتب الفقه والحديث في سرية كما في فتح القدير. وقيد بالاخراج في السرية لأنه إذا دخل رجل مسلم إليهم بأمان لا بأس أن يحمل معه المصحف إذا كانوا قوما يوفون بالعهد لأن الظاهر عدم التعرض. وفي الذخيرة قال محمد في أهل الثغور التي تلي أرض العدو: لا بأس أن يتخذوا فيها النساء وأن يكون لهم فيها الذراري وإن لم يكن بين تلك الثغور وبين أرض العدو أرض المسلمين إذا كان الرجال يقدرون على الدفع عنهم وإلا فلا ينبغي قوله: (وغدر وغلول ومثلة) أي نهينا عنها لقوله عليه السلام لا تغلوا ولا تعذروا ولا تمثلوا (3) وهذه الثلاثة محرمة كما
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست