البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٣٦
قوله: (ولا يقتل من أمنه حر أو حرة) لقوله عليه السلام المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم (1) أي أقلهم وهو الواحد ولأنه من أهل القتال فيخافونه إذ هو من أهل المنعة فيتحقق الأمان منه لملاقاته محله ثم يتعدى إلى غيره، ولان سببه لا يتجزأ وهو الايمان وكذا الأمان لا يتجزى فيتكامل كولاية الانكاح، وأجاز عليه السلام أمان أم هانئ رجالا من المشركين يوم فتح مكة كما رواه الشيخان. وركنه صريح وكناية وإشارة، فالصريح كقوله أمنت أو وادعت أو لا تخافوا منا ولا تذهلوا لا بأس عليكم لكم عهد الله أو ذمته تعالوا فاسمعوا الكلام، ويصح بأي لسان وإن كانوا لا يعرفونه بعد أن عرفه المسلمون بشرط سماعهم له فلا أمان لو كان بالبعد منهم. ومن الكنايات قول المسلم للمشرك تعال إذا ظن أنه أمان كان أمانا، وكذا إذا أشار بأصبعه إلى السماء فيه بيان أعطيتك ذمة إله السماء والمشرك إذا نادى الأمان فهو أمن إذا كان ممتنعا، وإن كان في موضع ليس بممتنع وهو ماد سيفه ورمحه فهو فئ. ولو طلب الأمان لأهله لا يكون هو آمنا بخلاف ما إذا طلب لذراريه فإنه يدخل تحت الأمان. وفي دخول أولاد البنات روايتان. ولو طلبه لأولاده دخل فيه أولاد الأبناء دون أولاد البنات، ولو طلبه لاخوته دخل الأخوات تبعا دون الأخوات المفردات، وكذا لو طلبه لأبنائه دخلت بناته كالآباء يدخل فيه الآباء والأمهات، ولا يدخل الأجداد لعدم صلاحيتهم للتبعية، كذا في المحيط. ولو طلبه لقرابته دخل الولدان استحسانا. وشرائطه العقل فلا يجوز أمان المجنون والصبي الذي لا يعقل، والبلوغ فلا يصح أمان الصبي العاقل، والاسلام فلا يصح أمان الذمي وإن كان مقاتلا، وأما الحرية فليست بشرط، وكذا السلامة عن العمى والزمانة والمرض. وأما حكمه فهو ثبوت الامن للكفرة عن القتل والسبي والاستغنام، وأما إذا وجد في أيديهم مسلم أو ذمي أسير فإنه يؤخذ منهم كما في التتارخانية وقال محمد: وإذا أمن رجل من المسلمين ناسا من المشركين فأغار عليهم قوم
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست