كانت متعلقة بالقلب لكن لحصولها أمارات ظاهرة فصح أن تكون غاية للحبس. الثانية أن يؤخذ بعد ما أخذ المال ولم يقتل النفس، وحكمه أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى بشرطين: أحدهما أن يكون ذلك المال معصوما وهو أن يكون لمسلم أو ذمي فخرج مال الحربي المستأمن. الثاني أن يكون نصابا ولم يصرح به للاكتفاء بذكره في السرقة الصغرى فلا قطع على من أصابه أقل من نصاب وهو المراد بقوله تعالى * (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) * (المائدة: 33) بناء على أن الا جزية متوزعة على الأحوال كما علم في الأصول، ولما كانت جنايته أفحش من السرقة الصغرى كانت عقوبته أغلظ، وإنما كان من خلاف لئلا تفوت جنس المنفعة ولذا لو كانت يده اليسرى مقطوعة أو شلاء أو رجله اليمنى كذلك لا يقطع. الثالثة أن يؤخذ بعد ما قتل نفسا معصومة ولم يأخذ مالا، وحكمه أن الإمام يقتله حدا لله تعالى لا قصاصا حتى لو عفا الأولياء لا يلتفت إلى عفوهم. وأشار بكونه حدا إلى أنه لا يشترط في القتل أن يكون موجبا للقصاص من مباشرة الكل والآلة لأنه وجب في مقابلة الجناية على حق الله تعالى بمحاربته ولذا قال في المجتبى: ويقتل الكل في الحالة الثالثة حدا القاتل والمعين فيه سواء. وإنما الشرط القتل من أحدهم، وسواء قتلهم بسيف أو حجر أو عصا أو غيرهما، ويصير كالجماعة قتلوا واحدا به قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحاب أبي بردة اه. الرابعة أن يؤخذ وقد قتل النفس وأخذ المال فذكر المصنف أن الإمام مخير بين ثلاثة أشياء: إما أن يجمع بين الثلاثة قطع اليد والرجل من خلاف والقتل والصلب، وإما أن يقتصر على القتل، وإما أن يقتصر على الصلب وهكذا في الهداية. ومنع محمد القطع لأنه جناية واحدة فلا توجب حدين ولان ما دون النفس يدخل في النفس في باب الحد كحد السرقة والرجم. ولهما أن هذه عقوبة واحدة تغلظت لتغلظ سببها وهو تفويت الامن على التناهي بالقتل وأخذ المال ولهذا كان قطع اليد والرجل معا في الكبرى حدا واحدا وإن كان في الصغرى حدين، والتداخل في الحدود لا في حد واحد، ثم ذكر في الكتاب التخيير بين الصلب وتركه وهو ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف أنه لا يتركه لأنه منصوص عليه والمقصود التشهير ليعتبر به غيره ونحن نقول: أصل التشهير بالقتل والمبالغة بالصلب فيخير فيه.
(١١٤)