قبل أن يحل الاجل فالأفضل الإقامة لقضاء الدين، فإن خرج بغير إذن لم يكن به بأس لعدم توجه المطالبة بقضائه اه. وإلى أنه لا يخرج إلى الجهاد إلا بإذن الوالدين فإن أذن له أحدهما ولم يأذن له الآخر فلا ينبغي له أن يخرج وهما في سعة من أن يمنعاه إذا دخل عليهما مشقة لأن مراعاة حقهما فرض عين والجهاد فرض كفاية فكان مراعاة فرض العين أولى، فإن لم يكن له أبوان وله جدان أو جدتان فأذن له أب الأب وأم الام ولم يأذن له الآخران فلا بأس بالخروج لأن أب الأب قائم مقام الأب وأم الام قائمة مقام الام فكانا بمنزلة الأبوين. وأما سفر التجارة والحج فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه لأنه ليس فيه خوف هلاكه حتى لو كان السفر في البحر لا يخرج بغير إذنهما. ثم إنما يخرج بغير إذنهما للتجارة إذا كانا مستغنيين عن خدمته، أما إذا كانا محتاجين فلا، كذا في التجنيس. وتعبيره في فتح القدير بالحرمة تسامح.
وإنما الثابت الكراهة. وفي البزازية: دلت العلة على التحاق الخروج إلى العلم بالحج والتجارة ولان الخروج إلى التجارة لما جاز لأن يجوز للعلم أولى اه. وهذا كله إذا كان أبواه مسلمين، وأما إذا كانا كافرين أو أحدهما فكرها خروجه إلى الجهاد أو كره الكافر ذلك فعليه أن يتحرى، فإن وقع تحريه على أن الكراهة لما يلحقهما من التفجيع والمشقة لأجل الخوف عليه من القتل لا يخرج، وإن كان لأجل كراهة قتال الكفار يخرج، فإن شك ينبغي أن لا يخرج، كذا في الذخيرة. وفيها: أن من سوى الأصول إذا كرهوا خروجه للجهاد فإن كان يخاف عليهم الضياع فإنه لا يخرج بغير إذنهم وإلا يخرج وكذا امرأته اه. وفي التتارخانية: وإن كان عند الرجل ودائع وأربابها غيب فإن أوصى إلى رجل أن يدفع الودائع إلى أربابها كان له أن يخرج إلى الجهاد، والعالم الذي ليس في البلدة أحد أفقه منه ليس له أن يغزو لما يدخل عليهم من الضياع.
قوله: (وفرض عين أن هجم العدو فتخرج المرأة والعبد بلا إذن زوجها وسيده) لأن المقصود عند ذلك لا يحصل إلا بإقامة الكل فيفترض على الكل فرض عين فلا يظهر ملك اليمين ورق النكاح في حقه كما في الصلاة والصوم بخلاف ما قبل ذلك لأن بغيرهما مقنعا ولا ضرورة إلى إبطال حق المولى والزوج. وأفاد خروج الولد بغير إذن والديه بالأولى، وكذا الغريم يخرج إذا صار فرض عين بغير إذن دائنه وأن الزوج والمولى إذا منعا أثما، كذا في الذخيرة. ولا بد من قيد آخر وهو الاستطاعة في كونه فرض عين فخرج المريض المدنف، أما الذي يقدر على الخروج دون الدفع ينبغي أن يخرج لتكثير السواد لأن فيه ارهابا، كذا في فتح