في الدين، وتبين به أنه يمنع المتقشفة وحمقاء أهل التصوف مما يعتادونه من رفع الصوت وتمزيق الثياب عند السماع لأن ذلك مكروه في الدين عند سماع القرآن والوعظ، فما ظنك عند سماع الغناء؟ ويندب للمجاهد في دار الحرب توفير الأظفار وإن كان قصها من الفطرة لأنه إذا سقط السلاح من يده ودنا منه العدو ربما يتمكن من دفعه بأظافيره وهو نظير قص الشوارب فإنه سنة، ثم الغازي في دار الحرب مندوب إلى توفيرها وتطويلها ليكون أهيب في عين من يبارزه. والحاصل أن ما يعين المرء على الجهاد فهو مندوب إلى اكتسابه لما فيه من اعزاز المسلمين وقهر المشركين اه. وأما جواز رميهم وإن تترسوا ببعضنا فلان في الرمي دفع الضرر العام بالذب عن بيضة الاسلام وقتل المسلم ضرر خاص، ولأنه قل ما يحلو حصن عن مسلم فلو امتنع عن اعتباره لا نسد بابه. أطلق في بعضنا فشمل الأسير والتاجر والصبيان لكن نقصد الكفار بالرمي دون المسلمين لأنه إن تعذر التمييز فعلا فقد أمكن قصدا والطاعة بحسب الطاقة، وما أصابوه منهم لا دية عليهم ولا كفارة لأن الجهاد فرض والغرامات لا تقترن بالفروض بخلاف حالة المخمصة لأنه لا يمتنع مخافة الضمان لما فيه من إحياء نفسه، أما الجهاد بني على إتلاف النفس فيمتنع حذار الضمان، وأما قوله عليه السلام ليس في الاسلام دم مفرج أي مهدر فمعناه ليس في دار الاسلام وكلامنا في دار الحرب، كذا في العناية، قيد بالتترس عند المحاربة لأن الإمام إذا فتح بلدة ومعلوم أن فيها مسلما أو ذميا لا يحل قتل أحد منهم لاحتمال كونه ذلك المسلم أو الذمي ولو أخرج واحدا من عرض الناس حل إذا قتل الباقي لجواز كون المخرج هو ذلك فصار في كون المسلم في الباقين شك بخلاف الحالة الأولى فإن كون المسلم أو الذمي فيهم معلوم بالفرض فوقع الفرق، كذا في فتح القدير. وفي الولوالجية وغيرها: فإن كان المسلمون في سفينة فاحترقت السفينة، فإن كان غلبة ظنهم أنهم لو ألقوا أنفسهم في البحر تخلصوا بالسباحة يجب عليهم أن يطرحوا أنفسهم في البحر ليتخلصوا من الهلاك القطعي، وإن استوى الجانبان إن أقاموا احترقوا وإن أوقعوا أنفسهم غرقوا فهم بالخيار عند أبي حنيفة وأبي يوسف لاستواء الجانبين. وقال محمد:
لا يجوز لهم أن يلقوا أنفسهم في الماء لأنه يكون اهلاكا بفعلهم ا ه.
قوله: (ونهينا عن إخراج مصحف وامرأة في سرية يخاف عليهما) لأن فيه تعريضهن على