البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٢
بأن لفظ المولى صريح لا يحتاج إلى النية. وذكر الولوالجي اختلاف المشايخ فمنهم من قال لا يعتق بغير النية والأصح أنه صريح من كل وجه اه‍. وتعقبهم في غاية البيان بأنا لا نسلم أن المولى صريح في إيقاع العتق، وهذا لأن الصريح مكشوف المراد ولفظ المولى مشترك ومع استعماله في المعاني على سبيل البدل لا يكون مكشوف المراد فلا يكون صريحا. وقولهم إن المولى لا يستنصر بمملوكه عادة لا نسلم ذلك بل تحصل له النصرة بمماليكه وخدمه، والذي لا يحتاج إلى النصير والظهير هو الله تعالى وحده على أنا نقول: الصريح يفوق الدلالة والمتكلم يصرح وينادي بأعلى صوته أني عنيت الناصر بلفظ المولى وله دلالة على ذلك حقيقة لأنه مشترك وهم يقولون دلالة الحال من كلامك تدل على أن المراد من المولى هو المعتق الأسفل ولا تعتبر إرادة الناصر ونحوه، وهذا في غاية المكابرة اه‍.
وأجاب عنه في فتح القدير بأن قوله استعمل في معان فلا يكون مكشوف المراد إن أراد دائما منعناه لجواز أن ينكشف المراد من المشترك في بعض الموارد الاستعمالية لاقترانه بما ينفي غيره اقترانا ظاهرا كما هو فيما نحن فيه، ومنعه أن المولى لا يستنصر بعبده لا يلائم ما أسند به من قوله تحصل النصرة بهم لأن المراد أنه إذا حزبه أمر لا يستدعي للنصرة عبده بل بني عمه وإن كان العبيد والخدم ينصرونه. وأما قوله الصريح يفوق الدلالة فكأنه أراد الكناية فطغى قلمه فنقول هذا الصريح وهو قوله أردت الناصر بلفظ المولى إنما قاله بعد قوله بما هو ملحق بالصريح في إرادة العتق فأثبت حكمه ذلك ظاهرا، وهذا الصريح بعده رجوع عنه فلا يقبله القاضي والكلام فيه ونحن نقول فيما بينه وبين الله تعالى لو أراد الناصر لم يعتق فأين المكابرة اه‍. وأما الثاني أعني في النداء فلانه لما تعين الأسفل مرادا التحق بالصريح وبالنداء به يعتق بأن قال يا حر يا عتيق فكذا النداء بهذا اللفظ. وقيد بالمولى لأنه لا يعتق في السيد والمالك إلا بالنية كقوله يا سيدي أو يا سيد أو يا مالكي لأنه قد يذكر على وجه التعظيم والاكرام فلا يثبت به العتق بغير نية. وفي الظهيرية وغيرها: لو قال أنت مولى فلان عتق في القضاء كقوله أنت عتيق فلان بخلاف أعتقك فلان. وعن أبي القاسم الصفار أنه سئل عن رجل جاءت جاريته بسراج فوقفت بين يديه فقال لها المولى:
ما أصنع بالسراج ووجهك أضوأ من السراج يا من أنا عبدك؟ قال: هذه كلمة لطف لا تعتق بها الجارية. وفي التنقيح: لو قال لعبده أنا عبدك المختار عدم العتق اه‍. وأما الثالث وهو النداء بحر ونحوه كيا حر يا عتيق يا معتق فلانه ناداه بما هو صريح في الدلالة على العتق لكون اللفظ موضوعا له ولا يعتبر المعنى في الموضوعات فيثبت العتق من غير نية.
واستثنى في الهداية ما إذا سماه حرا ثم ناداه يا حر لأن مراده الاعلام باسم علمه وهو ما لقبه به، ولو ناداه بالفارسية يا أزاد وقد لقبه بالحر قالوا يعتق، وكذا عكسه لأن هذا ليس بنداء باسم علمه فيعتبر إخبارا عن الوصف اه‍. وشرط في الظهيرية والخانية الاشهاد وقت
(٣٨٢)
مفاتيح البحث: العتق (6)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست