البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٦
جميع الوجوه فلذلك لم يعتق لا في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى. ومعنى المثل في اللغة النظير، كذا في الجمهرة اه‍. وفي المحيط: لو قال ما أنت إلا مثل الحر لا يعتق، ولو قال لحرة أنت حرة مثل هذه يعني أمته فأمته حرة، ولو قال أنت حرة مثل هذه الأمة لم تعتق أمته اه‍. وفي الظهيرية: أخذ قميصا خاطه غلامه وقال هذه خياطة حر لا يعتق العبد لأنه يراد به التشبيه اه‍. فقد علمت أن بعض هذه المسائل يعتق فيها بالنية وبعضها لا فلا ينبغي إدخالها في سلك واحد. وفي الخانية: لو قال لعبده أنت حر يعني في النفس لم يدين في القضاء، ولو قال أنت عتيق وقال عنيت به في الملك لا يدين في القضاء، ولو قال أنت عتيق في السن لا يعتق، ولو قال أنت حر النفس يعني في الأخلاق عتق في القضاء اه‍. وفي المحيط وغيره: لو قال لعبده بدنك بدن حر ورأسك رأس حر لم يعتق لأنه تشبيه وليس بتحقيق لأنه لو أراد التحقيق لقال بدنك حر، ولو نون فقال رأسك رأس حر أو بدنك بدن حر أو وجهك وجه حر عتق لأن هذا وصف له بالحرية وليس بتشبيه فصار كأنه قال رأسك حر.
قوله: (وعتق بما أنت الا حر) لأن الاستثناء من النفي إثبات على وجه التأكيد كما في كلمة الشهادة: كذا في الهداية. وفي فتح القدير: هذا هو الحق المفهوم من تركيب الاستثناء لغة وهو بخلاف قول المشايخ في الأصول وقد بيناه في الأصول، وأنه لا ينافي قولهم الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا، وأما كونه إثباتا مؤكدا فلو روده بعد النفي بخلاف الاثبات المجرد اه‍. قوله: (وبملك قريب محرم ولو كان المالك صبيا أو مجنونا) معطوفا على قوله أول الباب بأنت حر أي يصح العتق بملك قريب محرم للحديث من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر أو عتق عليه واللفظ بعمومه ينتظم كل قرابة مؤبدة بالمحرمية ولادا أو غيره، ولأنه ملك قريبه قرابة مؤثرة في المحرمية فيعتق عليه وهذا هو المؤثر في قرابة الولاد. وذكر فخر الاسلام البزدوي في بحث العلل أن العلة في عتق القريب بالملك شيئان: القرابة والملك. لكن العتق يضاف إلى آخرهما فإن تأخر الملك أضيف إليه العتق كما إذا ملك قريبه، وإن تأخرت القرابة وتقدم الملك أضيف العتق إلى القرابة كما إذا كان بين اثنين عبد ثم ادعى أحدهما إنه ابنه غرم لشريكه وأضيف العتق إلى القرابة اه‍. قيد بالقريب لأنه لو ملك محرما بلا رحم كزوجة أبيه أو ابنه لا يعتق لأنه ليس بينهما قرابة موجبة للصلة محرمة للقطيعة فلا يستحق العتق. وقيد بالمحرم احترازا عن الرحم بلا محرم كبني الأعمام والأخوال والخالات إذا ملكه لم يعتق، وخص عن النص المحرم للقطيعة بالاجماع لما أنهم كثير لا يحصون فلو عتقوا ربما حرجوا الملاك فيه لتعذر معرفتهم بالكلية، لو خصت القرابة المحرمية عن النص أيضا لأدى إلى تعطيله وذلك لا يجوز، وكذا لو ملك ذا رحم محرم من الرضاع فلا بد أن تكون المحرمية من جهة
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست