البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٠
به العتق فهو حر، وإن أراد به الصدقة فهو صدقة، وإن أراد به أن كلنا لله تعالى لا يلزمه شئ، ولو قال لعبده في مرضه أنت لوجه الله فهو باطل، وكذا أنت عبد الله، ولو قال جعلتك لله في صحته أو في مرضه وقال لم أنو به العتق أو لم يقل شيئا حتى مات فإنه يباع، وإن نوى العتق فهو حر اه‍.
قوله: (وهذا ابني أو أبي أو أمي وهذا مولاي أو يا مولاي أو يا حر أو يا عتيق) معطوف على قوله أنت حر أي يصح بهذا ابني وما عطف عليه، وإنما أخرها مع أنها صرائح لا تتوقف على النية لما فيها من التفصيل. أما الأول وهو الألفاظ التي ثبت بها النسب فذكر المصنف منها ثلاثة: الابن والأب والام. فكل منها إما أن يكون على وجه الصفة أو على وجه النداء، فإن كان على طريق الصفة بأن قال لمملوكه هذا ابني فهو على وجهين: أما إن كان يصلح ابنا له بأن كان مثله يولد لمثله أولا، وكل منهما إما أن يكون مجهول النسب أو معروفه، فإن كان يصلح ابنا له مجهول النسب ثبت النسب والعتق بالاجماع، وإن كان معروف النسب من الغير لا يثبت النسب بلا شك ولكن يثبت العتق عندنا، وإن كان لا يصلح ابنا له لا يثبت النسب بلا شك. وهل يعتق؟ قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يعتق سواء كان مجهول النسب أو معروفه. وقالا: لا يعتق وعلى هذا لو قال لمملوكته هذه بنتي خلافا ووفاقا لهما أنه كلام محال فيرد ويلغو كقوله أعتقتك قبل أن أخلق. وله أنه محال بحقيقته لكنه صحيح لمجازه لأنه إخبار عن حريته من حين ملكه، وهذا لأن البنوة في المملوك سبب لحريته إما إجماعا أو صلة للقرابة، وإطلاق السبب وإرادة المسبب مستجاز في اللغة تجوزا ولان الحرمة ملازمة للبنوة في المملوك والمشابهة في وصف ملازم من طرق المجاز على ما عرف فيحمل عليه تحرزا عن الالغاء بخلاف ما استشهد به لأنه لا وجه له في المجاز فتعين الالغاء. وهذا بخلاف ما إذا قال لغيره قطعت يدك خطأ فأخرجهما صحيحتين حيث لم يجعل مجازا عن الاقرار بالمال والتزامه وإن كان القطع سببا لوجوب المال لأن القطع خطأ سبب لوجوب مال مخصوص وهو الأرش وأنه يخالف مطلق المال في الوصف حتى وجب على العاقلة في سنتين، ولا يمكن إثباته بدون القطع وما لم يكن إثباته فالقطع ليس بسبب له. أما الحرية لا تختلف ذاتا وحكما فأمكن جعله مجازا عنه
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست