البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٥
باب العبد يعتق بعضه لا شك في كثرة وقوع عتق الكل وندرة عتق البعض وفي أن ما كثر وجوده فالحاجة إلى بيان أحكامه أمس منها إلى ما يندر وجوده، وأن دفع الحاجة الماسة تقدم على النادرة فلذا أخر هذا عما قبله قوله: (من أعتق بعض عبده لم يعتق كله وسعى فيما بقي وهو كالمكاتب) وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: يعتق كله. واختلف المشايخ في تحرير محل النزاع، فذهب صاحب الهداية وكثير إلى أنه مبني على أن الاعتاق يتجزأ عنده فيقتصر على ما أعتق. وعندهما لا يتجزأ وأقام الدليل من الجانبين، وفي غاية البيان: والمراد من تجزئ الاعتاق والملك أن يتجزأ المحل في قبول حكم الاعتاق وهو زوال الملك بأن يزول في البعض دون البعض وأن يتجزأ المحل في قبول حكم الملك وهو أن يكون البعض مملوكا لواحد والبعض الآخر لآخر، وليس معناه أن ذات الاعتاق أو ذات الملك تتجزأ لأن معناه واحد لا يقبل التجزي اه‍. وفي فتح القدير: والذي يقتضيه النظر أن هذا غلط في تحرير محل النزاع فإنهم لم يتواردوا على محل واحد في التجزي وعدمه فإن القائل العتق أو الاعتاق يتجزأ لم يرده بالمعنى الذي يريد به قائل أنه لا يتجزأ وهو زوال الرق أو إزالته إذ لا خلاف بينهم في عدم تجزئه، بل زوال الملك وإزالته ولا خلاف في تجزئه فلا ينبغي أن يقال اختلف في تجزئ العتق وعدمه ولا الاعتاق بل الخلاف في التحقيق ليس إلا فيما يوجبه الاعتاق أولا وبالذات، فعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق فلزم تجزؤ موجبه غير أن زوال الرق لا يثبت إلا عند زوال الملك عن الكل شرعا لحكم الحدث لا يزول إلا عند غسل كل الأعضاء وغسلها متجزئ، وهذا لضرورة أن العتق قوة شرعية هي قدرة على تصرفات شرعية ولا يتصور ثبوت هذه في بعضه شائعا فقطع بعدم تجزئه، والملك متجزئ قطعا فلزم ما قلنا من زوال الملك عن البعض، وتوقف زوال الرق على زوال الملك عن الباقي وحينئذ فينبغي أن يقام الدليل من الجانبين على أن الثابت به أولا زوال الملك أو الرق لأنه محل النزاع والوجه منتهض لأبي حنيفة. أما المعنى فلان تصرف الانسان يقتصر على حقه وحقه الملك، وأما الرق فحق الله أو حق العامة، وأما السمع فما في الصحيحين مرفوعا من أعتق شريكا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»
الفهرست