البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٧١
قوله: (فإن أبى ففي كسبه وإلا أمره ببيعه) أي أن امتنع المولى عن الانفاق فإن نفقته في كسبه إن كان له كسب لأن فيه نظرا لهما حتى يبقى المملوك فيه حيا ويبقى فيه ملك المالك، وإن لم يكن لهما كسب بأن كان عبدا زمنا أو جارية لا يؤجر مثلها أجبر المولى على بيعهما لأنهما من أهل الاستحقاق، وفي البيع إيفاء حقهما وإيفاء حق المولى بالخلف بخلاف نفقة الزوجة لأنها تصير دينا فكان إبطالا. وفي غاية البيان: إن كل ما لا يصلح للإجارة يجبر المولى على الانفاق أو يبيع القاضي إذا رأى ذلك إلا المدبر وأم الولد فإنه يجبر على الانفاق لا غير لأنه لا يمكن بيعهما اه‍. فلو قال المصنف كذلك لكان أولى. وعلم مما في الغاية أن الامر بالبيع معناه بيع القاضي عليه. وفي شرح الأقطع ما ذكر من البيع ينبغي أن يكون على قول أبي يوسف ومحمد لأنهما يريان البيع على الحر لأجل حق الغير، فأما أبو حنيفة فإنه لا يرى جواز البيع على الحر ولكنه يحبسه حتى يبيعه إذا استحق عليه البيع اه‍. ولذا قال المصنف أمر ببيعه ولم يقل باعه القاضي. قيد بالمملوك أي الرقيق لأن ما عداه من أملاكه إذا امتنع من الانفاق فإنه لا يجبر عليه ولو كان حيوانا لأنها ليست من أهل الاستحقاق إلا أنه يفتي فيما بينه وبين الله تعالى في الانفاق على الحيوانات لأنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان وفيه ذلك، ونهى عن إضاعة المال وفيه إضاعته. وعن أبي يوسف أنه يجبر والأصح ما قلنا، كذا في الهداية. ورجح الطحاوي رواية أبي يوسف قال: وبه نأخذ. قال في فتح القدير: وبه قالت الأئمة الثلاثة. وغاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حسبة فيجبره القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه وظاهر المذهب الأول والحق ما عليه الجماعة اه‍. وأما في غير الحيوانات كالدور والعقار لا يفتى به أيضا إلا إذا كان فيه تضييع المال فيكون مكروها. وهذا كله إذا لم يكن له شريك، فإن كانت دابة بين شريكين فامتنع أحدهما من الانفاق أجبره القاضي لأنه لو لم يجبره لتضرر الشريك كما في المحيط. وذكر الخصاف أن القاضي يقول للآبي إما أن تبيع نصيبك من الدابة أو تنفق عليها رعاية لجانب الشريك. وفي الذخيرة: لو أوصى بنخل لواحد وبثمرته لآخر فالنفقة على صاحب الثمرة، وفي التبن والحنطة إن بقي من ثلث ماله شئ فالنفقة في ذلك المال، وإن لم يبق فالتخليص عليهما لأن المنفعة لهما اه‍.
وفي فتح القدير وأقول: ينبغي أن يكون على قدر قيمة ما يحصل لكل منهما وإلا يلزم ضرر
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست