البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٤
الأبوة والبنوة قد تكون بالرضاع فلم أثبتم العتق بهذين اللفظين عند الاطلاق؟ قيل له: البنوة عن الرضاع مجاز والمجاز لا يعارض الحقيقة بخلاف الاخوة فإنها مشتركة في الاستعمال. ولو قال لامته هذه عمتي أو هذه خالتي أو قال لغلامه هذا خالي أو عمي فإنه يعتق، كذا في الظهيرية، وفرق بينهما في البدائع بأن الاخوة تحتمل الاكرام والنسب بخلاف العم لأنه لا يستعمل للاكرام عادة. وهذا كله إذا اقتصر على هذا أخي من أبي أو من أمي أو من النسب فإنه يعتق كما في فتح القدير وغيره، ولا يخفى أنه إذا اقتصر يكون من الكنايات فيعتق بالنية، وأما عدم العتق بقوله لا سلطان لي عليك ولو نوى به العتق كما في الهداية لأن السلطان عبارة عن السيد وسمي السلطان به لقيام يده، وقد يبقى الملك دون اليد كما في المكاتب بخلاف قوله لا سبيل لي عليك لأن نفيه مطلقا بانتفاء الملك لأن للمولى على المكاتب سبيلا فلهذا يحتمل العتق اه‍. وفي فتح القدير: واعلم أن بعض المشايخ مال إلى أنه يعتق بالنية في لا سلطان لي عليك وبه قالت الأئمة الثلاثة.
وقال بعض المشايخ: إنه ليس ببعيد. وعن الكرخي فني عمري ولم يتضح لي الفرق بين نفي السلطان والسبيل ومثل هذا الإمام لا يقع له مثل هذا إلا والمحل مشكل وهو به جدير، أما أولا فلان اليد المفسر بها السلطان ليس المراد بها المجارحة المحسوسة بل القدرة، فإذا قيل له سلطان أي يد يعني الاستيلاء وقد صرح في الكافي بأن السلطان يراد به الاستيلاء وإذا كان كذلك كان نفيه نفي الاستيلاء حقيقة أو مجازا فصح أن يراد منه ما يراد بنفي السبيل بل أولى بأدنى تأمل. وأما ثانيا فلان المانع الذي عينه من أن يراد به العتق وهو لزوم أن يثبت باللفظ أكثر مما وضع له غير مانع إذ غاية الأمر أن يكون المعنى المجازي أوسع من الحقيقي فلا بدع في ذلك بل هو ثابت في المجازات العامة، فإن المعنى الحقيقي فيها يصير فردا من المعنى المجازي كذا هذا يصير زوال اليد من إفراد المعنى المجازي أعني العتق أو زوال الملك، والذي يقتضيه النظر كون نفي السلطان من الكنايات اه‍. وأما عدم الوقوع بألفاظ الطلاق ولو نوى العتق فهذا مذهبنا إلا رواية عن أبي يوسف أنه يقع بقوله لامته طلقتك ناويا العتق كما في المجتبى. وجه المذهب أنه نوى ما لا يحتمله لفظه لأن الاعتاق لغة إثبات القوة والطلاق رفع القيد، وهذا لأن العبد ألحق بالجمادات وبالاعتاق يحيى فيقدر ولا كذلك المنكوحة فإنها قادرة إلا أن قيد النكاح مانع وبالطلاق يرتفع المانع فتظهر القوة، ولا خفاء أن الأول أقوى ولان ملك اليمين فوق ملك النكاح فكان إسقاطه أقوى، واللفظ يصلح مجازا
(٣٨٤)
مفاتيح البحث: الرضاع (2)، العتق (7)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست