البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٧٩
والقياس أن لا ميراث لها لأن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت بالنكاح الفاسد وبالوطئ عن شبهته وبملك اليمين فلم يكن قوله إقرارا بالنكاح. وجه الاستحسان أن المسألة فيما إذا كانت معروفة بالحرية وبكونها أم الغلام، والنكاح الصحيح هو لمتعين لذلك وضعا وعادة لأنه الموضوع لحصول الأولاد دون غيره فهما احتمالان لا يعتبران في مقابلة الظاهر القوي، وكذا احتمال كونه طلقها في صحته وانقضت عدتها لأنه لما ثبت النكاح وجب الحكم بقيامه ما لم يتحقق زواله. فإن قيل: إن النكاح يثبت بمقتضى ثبوت النسب وهو لا عموم له فيتقدر بقدر الحاجة قلنا: النكاح غير متنوع إلى نكاح موجب للإرث والنسب وإلى غير موجب لهما، فإذا تعين النكاح الصحيح لزم بلوازمه. وفي غاية البيان: إنه ليس من الاقتضاء في شئ لأن المقتضي وهو النسب يصح بلا ثبوت المقتضي وهو النكاح بأن يكون الوطئ عن شبهة أو تكون أم ولده فلم يفتقر ثبوت النسب إلى النكاح لا محالة قوله: (وإن جهلت حريتها فقال وارثة أنت أم ولد أبي فلا ميراث لها) لأن ظهور الحرية باعتبار الدار حجة في دفع الرق لا في استحقاق الإرث، وتقييده بقول الوارث اتفاقي لأن الجهل بحريتها كاف لعدم ميراثها، قال الوارث أنت أم ولد أبي أو لم يقل كما أطلقه في غاية البيان معللا بأن للوارث أن يقول ذلك، ولعل فائدته أن الوارث لو كان صغيرا فإنه لا ميراث لها أيضا وإن لم يقل شيئا. ولم يذكر المصنف رحمه الله أن لها مهرا تعند إقرار الوارث أنها أم ولد أبيه.
وذكر التمرتاشي أن لها مهر مثلها لأنهم أقروا بالدخول ولم يثبت كونها أم ولد بقولهم، ورده في غاية البيان بأن الدخول إنما يوجب مهر المثل في غير صورة النكاح إذا كان الوطئ عن شبهة ولم يثبت النكاح هنا والأصل عدم الشبهة فبأي دليل يحمل على ذلك فلا يجب مهر المثل. وأيضا إنما لم نوجب الإرث لأن الاستصحاب لا يصلح للاثبات فلو وجب مهر المثل لكان صالحا للاثبات فلا يجوز اه‍. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
باب الحضانة بيان لمن يحضن الولد الذي ثبت نسبه، وهي بكسر الحاء وفتحها تربية الولد، والحاضنة
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست