البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٣٣
باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام الاكل إيصال ما يحتمله المضغ بفيه إلى الجوف مضغ أو لم يمضغ كالخبز واللحم والفاكهة ونحوها. والشرب إيصال ما لا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف مثل الماء والنبيذ واللبن والعسل. فإن وجد ذلك يحنث وإلا فلا يحنث إلا إذا كان يسمى ذلك أكلا أو شربا في العرف والعادة فيحنث، فإذا حلف لا يأكل كذا أو لا يشرب فأدخله في فيه ومضغه ثم ألقاه لم يحنث حتى يدخله في جوفه لأنه بدون ذلك لا يكون أكلا وشربا بل يكون ذوقا.
ولو حلف لا يأكل هذه البيضة أو لا يأكل هذه الجوزة فابتلعها قال قد حنث لوجود حد الاكل وهو ما ذكرنا، ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فجعل يمصه ويرمي تفله ويبتلع ماءه لم يحنث في الاكل ولا في الشرب لأن ذلك ليس بأكل ولا شرب بل هو مص. وإن عصر ماء العنب فلم يشربه وأكل قشره وحصرمه فإنه يحنث لأن الذاهب ليس إلا الماء وذهاب الماء لا يخرجه من أن يكون آكلا له، ألا ترى أنه إذا مضغه وابتلع الماء أنه لا يكون آكلا له بابتلاع الماء بل بابتلاع الحصرم فدل أن أكل العنب هو أكل القشر والحصرم منه وقد وجد فيحنث.
وقال هشام عن محمد في رجل حلف لا يأكل سكرا فأخذ سكرة فجلها في فيه فجعل يبتلع ماءها حتى ذابت قال: لم يأكل لأنه حين أوصلها إلى فيه وصلت وهي لا تحتمل المضغ.
وكذلك روي عن أبي يوسف فيمن حلف لا يأكل رمانة فمص رمانة أنه لا يحنث. ولو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكله بخبز أو تمر أو حلف لا يأكل من هذا السعل فأكله بخبز يحنث لأن اللبن هكذا يكون، وكذلك الخل لأنه من جملة إلا دام فيكون أكله بالخبز كاللبن، فإن أكل ذلك بانفراده لا يحنث لأن ذلك شرب وليس بأكل، فإن صب على ذلك الماء ثم شربه لا يحنث في قوله لا آكل لعدم الاكل ويحنث في قوله لا أشرب لوجود الشرب، وكذلك إن حلف لا يأكل هذا الخبز فجففه ثم دقه وصب عليه الماء فشربه لا يحنث لأن هذا شرب لا أكل، فإن أكله مبلولا أو غير مبلول يحنث لأن الخبز هكذا يؤكل عادة وكذلك السويق إذا شربه بالماء فهو شارب وليس بأكل، كذا في البدائع. ولم يذكر المصنف الذوق وهو معرفة الشئ بفيه من غير إدخال عينه ألا ترى أن الأكل والشرب مفطر لا الذوق، كذا في
(٥٣٣)
مفاتيح البحث: الأكل (18)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»
الفهرست