البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٣
نسب ولد الزنا وولد الملاعنة منها حتى ترثه ويرثها لأنه قبل الانفصال هو كعضو من أعضائها حسا وحكما حتى يتغذى بغذائها، ويدخل في البيع والعتق وغيرهما من التصرفات تبعا لها فكان جانبها أرجح. وكذا يعتبر جانب الام في البهائم أيضا حتى إذا تولد بين الوحشي والأهلي أو بين المأكول وغير المأكول يؤكل إذا كانت أمه مأكولة، وتجوز الأضحية به إذا كانت أمه يجوز التضحية بها. وفي الظهيرية: لو قال القائل هل يصير الولد حرا من زوجين رقيقين من غير إعتاق ولا وصية؟ قيل: نعم وصورته إذا كان للحر ولد هو عبد لأجنبي فزوج الأب جاريته من ولده برضا مولاه فولدت الجارية ولدا فهو حر لأنه ولد ولد المولى. ولو عبر المصنف بالحمل أو بالجنين بدل الولد لكان أولى لأنه لا يتبع الام في أوصافها إلا الحمل، وأما الولد بعد الوضع فلا يتبعها في شئ مما ذكر حتى لو أعتق الام بعد الولادة لا يعتق الولد، وقد علمت مما قدمناه أن المراد بالحرية هنا الحرية الأصلية، وأما الطارئة فقد أفادها أولا بقوله ولو أعتق حاملا عتقا. وفي البدائع: لو اختلف المولى والمدبرة في ولدها فقال المولى ولدتيه قبل التدبير فهو رقيق وقالت هي ولدته بعده فهو مدبر فالقول قول المولى مع يمينه على علمه، والبينة بينة المدبرة. ولو كان مكان التدبير عتق فقال المولى للمعتقة ولدتيه قبل العتق وهو رقيق وقالت ولدته بعد العتق وهو حر يحكم فيه الحال إن كان الولد في يدها فالقول قولها، وإن كان في يد المولى فالقول قوله لأن الظاهر يشهد لمن هو في يده بخلاف المدبرة فإنها في يد المولى فكذا ولدها اه‍. وفي الخانية من الدعوى في مسألة إعتاقها: لو كان الولد في أيديهما فكذلك يكون القول قولها لأنها تدعي الولادة في أقرب الأوقات وفيه حرية الولد، ولو أقاما البينة فبينتها أولى لأن بينة المولى قامت على نفي العتق وبينتها قامت على إثبات الحرية، وكذلك في الكتابة، وأما في التدبير فالقول قول المولى لأنهما تصادقا على رق الولد. وذكر في المنتقى عن محمد: إن كان الولد يعبر عن نفسه يرجع إليه ويكون القول للولد وإلا فالقول لمن هو في يده منهما اه‍.
وقد أشار المصنف بعطف الرق على الملك إلى المغايرة بينهما وهو كذلك فإن الملك هو القدرة على التصرف ابتداء فخرج الولي والوصي والوكيل، وأما الرق فعجز حكمي عن الولاية والشهادة والقضاء ومالكية المال كائن عن جعله شرعا عرضة للتملك والابتذال.
واختلفوا هل هو حق الله تعالى أو حق العامة؟ فقيل بالأول لأن الكفار لما استنكفوا عن
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست