البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨٥
عما هو دون حقيقته لا عن ما هو فوقه فلهذا امتنع في المتنازع فيه وانساغ في عكسه، كذا في الهداية. وحاصله أن يستعار ألفاظ العتق للطلاق دون عكسه بناء على ما في الأصول من جواز استعارة السبب للمسبب دون عكسه إلا أن يختص المسبب بالسبب فكالمعلول فيصح استعارة كل منهما للآخر. أطلقه فشمل صريح الطلاق وكناياته فلا يقع بها العتق أصلا فلو قال لامته فرجك علي حرام أو أنت علي حرام فإنها لا تعتق وإن نواه لأن اللفظ غير صالح له فهو كما لو قال لها قومي واقعدي ناويا للعتق لأن اللفظ لما لم يصلح له لغا فبقي مجرد النية وهي لا يقع بها شئ وسيأتي في الايمان أنه إن وطئها لزمه كفارة اليمين فليحفظ هذا.
ويستثنى من كنايات الطلاق أمرك بيدك أو اختاري فإنه يقع العتق به بالنية لأنه لما احتمل العتق وغيره كان كناية فهو من كنايات العتق والطلاق ولا بدع فيه كما في البدائع، وقد يقال إنهما من كنايات تفويض الطلاق فلا استثناء كما لا يخفى. وفي المحيط: لو قال لامته أمرك بيدك وأراد العتق فأعتقت نفسها في المجلس عتقت وإلا فلا لأنه ملكها إيقاع العتق والاعتاق إسقاط الملك كالطلاق فيقتصر حكمه على المجلس كما في الطلاق، ولو قال لها أعتقي نفسك فقالت اخترت كان باطلا كما في الطلاق اه‍. وفي البدائع: ولو قال لها أمر عتقك بيدك أو جعلت عتقك في يدك أو قال له اختر العتق أو خيرتك في عتقك أو في العتق لا يحتاج فيه للنية لأنه صريح لكن لا بد من اختيار العبد العتق ويتوقف على المجلس لأنه تمليك اه‍. وقيد بألفاظ الطلاق لأنه لو قال لامته أطلقتك أو قال لعبده ذلك يقع العتق إذا نوى كما في فتح القدير لأنه كقوله خليت سبيلك بخلاف طلقتك كما قدمناه، وكذا إذا قال له اذهب حيث شئت توجه أينما شئت من بلاد الله لا يدلي عليك لا يقع وإن نوى كما في المجتبى مع أن أطلقتك من كنايات الطلاق يقع به بالنية فكيف وقع به العتق؟ والجواب أنه كناية فيهما والممنوع استعارة ما كان من ألفاظ الطلاق خاصة صريحا أو كناية. وأما عدم العتق في قوله أنت مثل الحر فلانه أثبت المماثلة بينهما وهي قد تكون خاصة. وقد تكون خاصة فلا يقع بلا نية للشك، كذا في التبيين وهو يفيد أنه من الكنايات يقع به العتق بالنية، وقد صرح به في غاية البيان معزيا إلى التحفة حيث قال: وقد قالوا إذا نوى يعتق فإنه ذكر في كنايات الطلاق إذا قال لامرأته أنت مثل امرأة فلان وفلان قد آلى من امرأته ونوى الايلاء يصدق ويصير موليا. وإنما لم يقع بدون النية لأن المثل للتشبيه التشبيه بين الشيئين لا يقتضي اشتراكهما من
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست