البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣١٨
الشهور. وكذا لو قالت أبرأتك عن نفقة سنة لم يبدأ إلا من نفقة شهر واحد لأن القاضي لما فرض نفقة كل شهر فإنما فرض لمعنى يتجدد بتجدد الشهر فما لم يتجدد الشهر لا يتجدد الفرض، وما لم يتجدد الفرض لا تصير نفقة الشهر الثاني واجبا. ولو قالت بعدما مكثت أشهرا أبرأتك من نفقة ما مضى وما يستقبل يبرأ من نفقة ما مضى ويبرأ من نفقة ما يستقبل بقدر نفقة شهر ولا يبرأ زيادة على ذلك، وهو نظير من أجر عبده من رجل كل شهر بعشرة دراهم ثم أبرأه من أجرة الغلام أبدا لا يبرأ إلا من أجرة شهر اه‍.
وأشار المصنف إلى أن الكفالة بالنفقة قبل الفرض أو التراضي على معين لا تصح وبعد أحدهما تصح كما في الذخيرة: ولو أن المرأة قالت للقاضي إن زوجي يريد أن يغيب وأرادت أن تأخذ منه كفيلا بالنفقة فإنه ليس لها ذلك لأنه النفقة لم تجب. وقال أبو يوسف: استحسن ذلك وآخذ منه كفيلا بالنفقة شهرا. وعليه الفتوى لأن النفقة إن لم تجب للحال تجب بعده فتصير كأنه كفل بما ذاب لها على الزوج فيجبر استحسانا رفقا بالناس، كذا في الواقعات.
زاد في الذخيرة أنه لا فرق في هذا الحكم بين أن تكون النفقة مفروضة أو لا. وفي الذخيرة أيضا: ولو اختلفا فيما مضى من المدة من وقت القضاء أو من وقت الصلح فالقول قول الزوج والبينة بينة المرأة لأنها تدعي زيادة دين والزوج ينكر فالقول قله مع يمينه، وإذا ادعى الزوج الانفاق وأنكرت المرأة فالقول قولها مع اليمين كما في سائر الديون اه‍. وفي الظهيرية: امرأة أقامت على رجل بينة بالنكاح فلا نفقة لها في مدة المسألة عن الشهود، ولو أراد القاضي أن يفرض لها النفقة لما رأى من المصلحة ينبغي أن يقول لها إن كنت امرأته فقد فرضت ذلك عليه في كل شهر كذا وكذا ويشهد على ذلك، فإذا مضى شهر وقد استدانت وعدلت البينة آخذته بنفقتها منذ فرض لها اه‍. وهو يدل على ما قلنا من أن الفرض من القاضي يصيرها دينا فلا تسقط بالمضي، وإن فرض القاضي النفقة قضاء لا يقال إنه ليس بقضاء لعدم الدعوى لأنا نقول: طلبها التقدير دعوى ومسألة الابراء تدل على أن الفرض في الشهر الأول تنجز وفيما بعده مضاف فتنجز بدخول الشهر وهكذا فلا يصح الرجوع عنه لما في الخانية من الصلح: ولو صالحت المرأة زوجها عن نفقة كل شهر على دراهم ثم قال الزوج
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست