البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣١٩
لا أطيق ذلك فهو لازم لا يلتفت إليه إلا إذا تغير سعر الطعام ويعلم أن ما دون ذلك يكفيها اه‍. فإذا كان هذا في الصلح ففي فرض القاضي أولى لأن له ولاية عامة، فإذا قرر القاضي لها نفقة كل يوم أو كل شهر أو كل سنة لزم التقرير ما دامت في عصمته حيث لم يوجد مسقط وكان بقدر حالهما. وفي خزانة المفتين: وإذا أراد القاضي أن يفرض النفقة يقول فرضت عليك نفقة امرأتك كذا وكذا في مدة كذا وكذا أو يقول قضيت عليك بالنفقة لمدة كذا يصح وتجب على الزوج حتى لا تسقط بمضي المدة لأن نفقة زمان مستقبل تصير واجبة بقضاء القاضي حتى لو أبرأت بعد الفرض صح اه‍. وهو دليل على ما قلنا من أن فرضها قضاء وأنه إذا فرضها ثم مضت مدة لم تسقط. وقد نقل في فتح القدير أنه لا نفقة لها فيما إذا ادعى الزوج النكاح وهي تجحد أو عكسه، واستشكله بأن فيه إضرارا بها وهو سهو لأنه إذا كان منكرا إنما نفوا النفقة في مدة المسألة عن الشهود لا مطلقا مع أن القاضي إذا فرض لها جاز، وأما بعد قضاء القاضي بالنكاح بالبينة فلا شك في وجوبها. وقد علم من عطف المصنف الرضا على القضاء أن فرض القاضي بطريق الجبر وقدمنا أنه إذا فرض عليه أكثر من حاله فإن له أن يمتنع عن الزيادة، وكذا إذا اصطلحا على أزيد من نفقة المثل لما في الظهيرية: وإذا صالح الرجل امرأته عن نفقة كل شهر على مائة درهم والزوج محتاج لم يلزمه إلا نفقة مثلها، وإذا صالحها على دانق كل شهر جاز ولها أن تنقض إن لم يكفها اه‍.
وفي الذخيرة: وإذا صالحت المرأة زوجها من نفقتها على ثلاثة دراهم كل شهر فهو جائز وكان ذلك تقديرا لنفقتها. والأصل أن الصلح بينهما متى حصل بشئ يجوز للقاضي أن يفرضه في نفقتها بحال، فالصلح بينهما تقدير للنفقة ولا تعتبر معاوضة، سواء كان هذا الصلح قبل فرض القاضي أو التراضي على شئ أو كان بعد أحدهما. وإذا وقع الصلح على شئ لا يجوز للقاضي أن يفرضه على الزوج في نفقتها بحال كالثوب والعبد ينظران كان الصلح بينهما قبل قضاء القاضي لها بالنفقة وقبل تراضيهما على شئ لكل شهر يعتبر الصلح منهما تقديرا وبعد أحدهما يعتبر معاوضة. وفائدة اعتبار التقدير أن تجوز الزيادة عليه والنقصان عنه، وفائدة اعتبار المعاوضة أن لا تجوز الزيادة على ذلك ولا النقصان، فإذا صالحها على دراهم كل شهر ثم قالت لا تكفيني زيدت، ولو قال الرجل لا أطيقه فإنه لا يصدق في ذلك فإنه التزمه باختياره، وذلك دليل على كونه قادرا على أداء ما التزم فيلزمه جميع ذلك إلا أن يتعرف القاضي عن حاله بالسؤال من الناس فإذا أخبروه أنه لا يطيق ذلك نقص عنه وأوجب على قدر طاقته، فإن لم يمض شئ من الشهر حتى صالحها من هذه
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست