البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٢١
وكما تسقط المفروضة بموت أحد الزوجين هل تسقط بالطلاق؟ اختلفوا فيه فقال بعضهم:
لا تسقط. وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي: وجدت رواية في السقوط. وذكر البقالي أن على قول محمد تسقط ولا رواية عن أبي يوسف. وذكر شمس الأئمة الحلواني زاد الخصاف لسقوط النفقة المفروضة سببا آخر فقال: تسقط بموته وموتها وتسقط إذا طلقها أو أبانها اه‍.
هذه عبارتهما باللفظ. وفي الخلاصة والبزازية: وهل تسقط النفقة المفروضة بالطلاق؟ حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي أنها تسقط، وفي فتاوى البقالي ذكر الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد اه‍. وفي الذخيرة: لو طلقها الزوج في هذا الوجه يسقط ما اجتمع عليه من النفقات بعد فرض القاضي، كذا حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي. وكان يقول:
وجدنا رواية هذه المسألة في كتاب القاضي وبه كان يفتي الصدر الشهيد والشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني. وشبهة بالذمي إذا اجتمع عليه خراج رأسه ثم أسلم يسقط عنه ما كان اجتمع عليه. ووجه التشبيه به أن الذمي إنما كان يؤخذ منه خراج النفس لاصراره على الدين الباطل وقد زال ذلك المعنى بالاسلام فتسقط الجزية، كذا ها هنا المرأة إنما تستحق النفقة بالوصلة التي كانت بينهما وتلك الوصلة قد انقطعت بالطلاق، فأما إذا كانت النفقة مستدانة بأمر القاضي فإنها لا تسقط بالطلاق وهو الصحيح لما ذكرنا أنه كاستدانة الزوج بنفسه اه‍. ما في الذخيرة.
وفي المجتبى: ولو طلقها الزوج في هذه الوجوه فإنه يسقط ما اجتمع عليه من النفقات بعد فرض القاضي اه‍. فقد ظهر من هذا أن الراجح عندهم سقوطها بالطلاق كالموت خصوصا قد أفتى به الشيخان كما في الذخيرة، وظاهر كلامهم أنه لا فرق فيه بين الطلاق الرجعي والبائن لأنه في عبارة الخانية والظهيرية قد عطف البائن على الطلاق فعلم أن الطلاق رجعي قال العبد الضعيف: ينبغي ضعف القول بسقوطها بالطلاق ولو بائنا لأمور: الأول أنهم اتفقوا على أنه يحبس في النفقة المفروضة إذا امتنع من دفعها ولو كانت تسقط بالطلاق لامكنه أن يطلقها فتسقط ثم يراجعها. الثاني أنهم صرحوا بجواز أخذ الكفيل بالنفقة المفروضة بقدر المدة التي فرضها القاضي مع أن الكفالة لا تصح إلا بدين صحيح. قالوا: وهو الذي لا يسقط إلا بالأداء أو الابراء، فلو كان دين النفقة يسقط بالطلاق لم يكن صحيحا فلم تصح الكفالة به، ولا يضرنا سقوطه بموت أحدهما لأنه لعارض أن أصله صلة والصلات تسقط بالموت قبل القبض. الثالث وهو أقواها ما ذكروه في باب الخلع فإن الكل قد ذكروا أن الطلاق على مال لا يسقط شيئا من حقوق النكاح بخلاف الخلع على مال ولا بأس بذكر
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست