البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٠٧
وفي غاية البيان أن محمدا وضع المسألة في النفقة المفروضة لأنه بدونه لا تتصور المسألة لسقوطها، ولو حذف المصنف قوله بدين لكان أولى لأن المحبوسة ظلما بغير حق لا نفقة لها لأن المعتبر في سقوط نفقتها فوات الاحتباس لا من جهة الزوج وقد فات الاحتباس هنا لا من جهته، وهذا هو الصحيح لأنه إذا كان الفوات من جهته أمكن القول ببقائه تقديرا، وأما إذا كان لا من جهته فلم يكن الاحتباس باقيا تقديرا وبدونه لا يمكن إيجاب النفقة، كذا في الذخيرة. وقيد بحبسها لأن الزوج لو حبس وهو يقدر على الأداء أولا يقدر أو حبس ظلما أو هرب أو نشز كانت لها النفقة لأن الاحتباس هنا فات لمعنى من جهة الزوج، كذا في الذخيرة. ولا فرق بين أن تحبسه هي لدين لها عليه أو يحبسه أجنبي. وفي الخلاصة أنها إذا حبسته وطلب أن تحبس معه فإنها لا تحبس. وذكر في مآل الفتاوى أنه إذا خيف عليها الفساد تحبس معه عند المتأخرين، وأما إذا غصبها رجل كرها وذهب بها فما في المختصر هو ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف أن لها النفقة. والفتوى على الأول لأن فوت الاحتباس ليس منه ليجعل باقيا تقديرا، كذا في الهداية. وأما إذا حجت مع غير الزوج فلان فوات الاحتباس منها. وعن أبي يوسف أن لها النفقة لأن إقامة الفرض عذر فيكون لها نفقة الحضر. وفي رواية عنه يؤمر الزوج بالخروج معها والانفاق عليها إذا أرادت حجة الاسلام، كذا في الذخيرة. أطلق الحج فشمل الفرض والنفل وما إذا حجت قبل أن تسلم نفسها أو بعده وهذا هو ظاهر الرواية لأن الامتناع من جهتها فأوجب سقوطها، سواء كانت عاصية في الخروج أو طائعة بخلاف الصلاة والصوم لوجود الاحتباس فلا يمنع اشتغالها بهما من وجوب النفقة، كذا في الذخيرة.
وقيد بكون الحج مع غير الزوج الشامل لحجها وحدها أو مع محرم للاحتراز عما إذا حج معها فإن لها النفقة اتفاقا وهي نفقة الحضر لا السفر فينظر إلى قيمة الطعام في الحضر ولا ينظر إلى قيمته في السفر، ولا يلزمه الكراء ومؤنة السفر، وأما المريضة التي لم تزف فالمراد بها المريضة التي لم تنتقل إلى بيت الزوج، وقد اختلفت عبارات الكتب في هذه المسألة فظاهر المختصر أنها إذا مرضت قبل الدخول وهي في غير بيت الزوج فإنه لا نفقة لها، ومفهومه أنها إن كانت في بيته فلها النفقة. وعلى هذا فالفرق بينها وبين الصحيحة إنما هو من جهة أن الصحيحة إذا لم تمنع نفسها من الانتقال مع الزوج فلها النفقة طلبها الزوج أو لا بخلاف المريضة فإنه لا نفقة لها وهي في بيتها مطلقا. وفي البدائع ما يخالفه فإنه قال: لو
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست