البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٢٢
عباراتهم. قال في البدائع: ولا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به عن سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح اه‍. فقد أفاد عدم سقوط النفقة والكسوة المفروضتين بالطلاق على مال لأنه صرح بسائر الحقوق وهي ثلاثة: المهر والنفقة والكسوة. ولا يمكن حمله على المهر فقط لأنه يبطل به قوله سائر الحقوق. وقال قبله: وأما حكم الخلع فإن كان بغير بدل بأن قال خالعتك ونوى به الطلاق فحكمه أن يقع الطلاق ولا يسقط شئ من المهر والنفقة الماضية، وإن كان ببدل إلى آخره فهذا صريح في المسألة أيضا، وفي غاية البيان: أما إذا كان العقد بلفظ الطلاق على مال فهل تقع البراءة عن الحقوق المتعلقة بالنكاح؟ ففي ظاهر الرواية لا تقع لأن لفظ الطلاق لا يدل على إسقاط الحق الواجب بالنكاح، وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة تقع البراءة عنها لاتمام المقصود اه‍. وظاهره أن الطلاق إذا لم يكن علي مال لا يسقط شيئا من الحقوق الواجبة اتفاقا. فهذا كله يدل على ضعف الرواية السابقة خصوصا أن مفهوم الكتب حجة، وقد قيدوا سقوطها بموت أحدهما. وظاهر ما في الخانية والظهيرية أن الخصاف زاد الطلاق من عنده وليس له أصل في المذهب، فالذي يتعين المصير إليه على كل مفت وقاض اعتماد عدم السقوط خصوصا ما تضمنه القول بالسقوط من الاضرار بالنساء حتى استفتيت وقت تأليف هذا المحل عن امرأة لها كسوة مفروضة تجمد لها عشر سنين ولم يدفع لها الزوج ثم إنها رفعته إلى قاض وحكم عليه بالدفع فاستمهلها يوما ثم ذهب إلى قاض رومي وخلعها عنده بغير علمها فحكم له القاضي الحنفي بسقوط الكسوة الماضية، ولا يخفى ما في ذلك من الضرر. فإن قلت: لم لم تعتمد على تصحيح الزيلعي بقوله وكذا لا تسقط بالطلاق في الصحيح لما ذكرنا قلت: لأن كلامه في النفقة المستدانة بأمر القاضي وكلامنا في المفروضة فقط.
قوله: (ولا ترد المعجلة) أي لا ترد النفقة المعجلة بموت أحدهما ونحوه بأن عجل لها نفقة شهر بعد فرض القاضي أو التراضي ثم مات أحدهما. أطلقه فشمل ما إذا كانت قائمة أو هالكة، فإن كانت هالكة فلا ترد شيئا اتفاقا، وإن كانت قائمة أو مستهلكة فكذلك عندهما. وقال محمد: يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي فهو للزوج، وعلى هذا الخلاف
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست