البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٢٠
الدراهم عن شئ إن كان شيئا يجوز للقاضي أن يفرضه كما إذا صالح عن الدراهم على ثلاث مخاتيم دقيق بعينه أو بغير عينه فهو تقدير للنفقة، وإن كان ثوبا أو نحوه فهو معاوضة ولا يشبه هذا الديون كما إذا كان لرجل على آخر ثلاثة دراهم فصالحه من الدراهم على ثلاثة مخاتيم دقيق بغير عينه فإن الصلح لا يجوز لأن الصلح فيه معاوضة لوجوب الدين قبل الصلح فكان بيع دين بدين فلا يجوز إلا أن يدفع الدقيق في المجلس، وأما هنا فقبل مضي الشهر فالنفقة لا تصير دينا فلم يكن معاوضة، وإنما هو تقدير للنفقة حتى لو مضى الشهر وصارت الدراهم دينا ثم صالحها على دقيق بغير عينه لا يجوز أيضا لما قلنا اه‍. وقد علم منه أن رضاهما وصلحهما على شئ صالح للنفقة بعد فرض القاضي النفقة مبطل لتقدير القاضي حتى لا يلزمه إلا ما تراضيا عليه بعد فرض القاضي، فيستفاد منه أنهما لو اتفقا على أن تأكل معه تموينا بعد فرض النفقة أو الاتفاق على قدر معين فإنه يبطل التقدير السابق لرضاها بذلك وهي كثيرة الوقوع في زماننا. وفي الذخيرة أيضا: ولو صالحها من نفقة سنة على ثوب جاز، فإن استحق الثوب، فإن وقع الصلح عليه بعد الفرض أو الرضا فإنها ترجع بما فرض لها أو تراضيا عليه لأن أخذها الثوب شراء وقد انفسخ بالاستحقاق فعاد دينها، وإن كان قبل القرض والتراضي رجعت بقيمة الثوب ولو صلحها على وصيف وسط ولم يجعل له أجلا أو أجله، فإن كان قبل الفرض أو التراضي جاز، وإن كان بعد أحدهما لا يجوز. وصلح المكاتبة على نفقتها جائز كالصلح عن مهرها لأنه حقها، وكذلك العبد المحجور إذا صالح عن نفقة امرأته وقد تزوج بإذن المولى، وكذا صلح المكاتب عن نفقة امرأته كل شهر جائز بالأولى اه‍.
قوله: (وبموت أحدهما تسقط المقضية) أي بموت أحد الزوجين تسقط النفقة المقضى بها لأن النفقة صلة والصلاة تسقط بالموت كالهبة والدية والجزية وضمان العتق. أطلقه فشمل ما إذا استدانت أولا، فإن كانت استدانت بغير إذن القاضي فإنها تسقط بموت أحدهما كما لو أنفقت من مال نفسها، وإن كانت الاستدانة بأمر القاضي جزم في الظهيرية بعدم السقوط وصححه في الذخيرة، ونسبه إلى الكافي للحاكم الشهيد لأن للقاضي ولاية عامة بمنزلة استدانة الزوج بنفسه، ولو استدان الزوج بنفسه لا يسقط ذلك الدين للقاضي ولاية عامة بمنزلة استدانة الزوج بنفسه، ولو استدان الزوج بنفسه لا يسقط ذلك الدين بموت أحدهما كذا هذا اه‍. قيد بالموت لأن سقوط النفقة المقضي بها بالطلاق مختلف فيه فجزم في النقاية بسقوطها به كالموت مسويا بينهما، وكذا في الجوهرة وذكر في الخانية والظهيرية:
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست