البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٨٩
فقال: ما صنعت إنك لم تأتني بخير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب السائل فقال عويمر: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأسألنه فأتاه فوجده قد أنزل عليه فدعا بها فلاعن بينهما فقال عويمر:
إن انطلقت بها يا رسول الله فقد كذبت عليها ففارقها قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم فصارت سنة للمتلاعنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبصروها فإن جاءت به أسحم العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا، فجاءت به مثل النعت المكروه. وذكر البقاعي أنه لا يمتنع أن يكون للآية الواحدة عدة أسباب معا أو منفرقا ا ه‍.
وتمام الروايات باختلاف طرقها في الدر المنثور للجلال الأسيوطي رحمه الله تعالى.
قوله: (هي شهادات مؤكدات بالايمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنا في حقها) وهذا بيان للركن فدل على اشتراط أهليتهما للشهادة في حق كل منهما كما سيصرح به لا أهلية اليمين كما ذهب إليه الشافعي، ودل على أنهما لو التعنا عند قاض فلم يفرق بينهما حتى مات أو عزل فإن الثاني يعيد اللعان كما لو شهدا عنده فمات أو عزل قبل القضاء، كذا في البدائع. والمراد بكونه قائما مقام حد القذف في حقه أن يكون بالنسبة إليها لا مطلقا، إذا لو كان مطلقا لم تقبل شهادته أبدا مع أنها مقبولة كما ذكره الشارح في حد القذف، وفي الاختيار لا تقبل شهادته بعد اللعان أبدا، ولو قذف بكلمة أو بكلمات أربع زوجات له بالزنا لا يكفيه لعان واحد لهن بل لا بد من أن يلاعن كلا منهن على حدة بخلاف ما إذا قذفها مرارا حيث يجب لعان واحد كما لو قذف أجنبية مرارا أو أجنبيات بكلمة أو كلمات يجب حد واحد لحصول المقصود وهو دفع العار عنهن ولا يحصل ذلك في اللعان إلا بالنسبة إلى كل واحدة، ولو قذفهن ولم يكن من أهل اللعان اكتفى بحد واحد للكل للتداخل، كذا في البدائع. والمراد بكونه قائما مقام حد الزنا في حقها أن يكون بالنسبة إلى الزوج حتى لا يثبت اللعان بالشهادة على الشهادة ولا بكتاب القاضي إلى القاضي ولا بشهادة النساء، وإذا قذفها إنسان بعد اللعان إن رماها زوجها بالزنا ثم قذفها هو أو غيره حد لأن لعانه كحده مؤكد لعفتها، وإن قذفها بنفي الولد ثم قذفها هو أو غيره لا يحد لوجود أمارة الزنا، وإن أكذب نفسه بعد اللعان ثم قذفها هو أو غيره حد القاذف، سواء كان اللعان بالزنا أو بنفي الولد. وسببه قذفه لزوجته قذفا يوجب الحد في الأجنبية، وأهله أهل الأداء للشهادة، وحكمه حرمة الوطئ بعد التلاعن ولو قبل التفريق بينهما ووجوب التفريق بينهما ووقوع البائن بالتفريق. واستفيد من كونه قائما مقام الحد سواء كان بالنسبة إليه أو إليها أنه لا يحتمل العفو والابراء والصلح على مال حتى لو صالحها على الترك بمال ردت المال ولها المطالبة بعد العفو، وأنه لا يحتمل التوكيل إلا في إثباته على قول الإمام كالحدود، كذا في البدائع. واعلم أنه ليس المراد أن اللعان قائم مقام الحدين في حالة واحدة وإنما المراد أنه قائم
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست