البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٩١
اللعان. وتفرع على هذا الشرط لو قذفها فتزوجت غيره فادعى الأول الولد لزمه وحد للقذف وإن ولدت من الثاني لا شئ عليه إن كان قبل إكذاب الأول، وإن كان بعد الاكذاب لا عن كما في التتارخانية. ولما كانت المرأة هي المقذوفة دونه اختصت باشتراط كونها ممن يحد قاذفها بعد اشتراط أهلية الشهادة، ولما كان الزوج ليس مقذوفا وإنما هو شاهد اشترط في حقه كما اشترط في حقها أهلية الشهادة، ولم تشترط عفته لأنه لو كان فاسقا بالزنا جرى اللعان بينه وبينها وإن كان لا يحد قاذفه لما قدمنا من جريانه بين الفاسقين، فهذا وجه تخصيصها بهذا الشرط كما حققه الشارح ردا على صاحب النهاية. وأراد بكونها ممن يحد قاذفها أن تكون عفيفة عن الزنا فقط لأن كونها من أهل الشهادة يدل على اشتراط الحرية والتكليف والاسلام فلم يبق من شرائط الاحصان إلا العفة كما أفاده في شرح الوقاية. وأراد بنفي نسب الولد نفي نسب ولدها، وأطلقه فشمل ولدها منه أو من غيره بأن يقول هذا الولد من الزنا أو هذا الولد ليس مني وما إذا صرح معه بالزنا أو لم يصرح على مختار صاحب الهداية والشارح خلافا لما في المحيط والمبتغي. والحق الاطلاق لأن قطع النسب من كل وجه يستلزم الزنا فلا عبرة باحتمال كون الولد من غيره بوطئ بشبهة ولهذا قال في البدائع: هذا الاحتمال ساقط بالاجماع للاجماع على أنه إن نفاه عن الأب المشهور بأن قال له لست لأبيك يكون قاذفا لامه حتى يلزمه حد القذف مع وجود هذا الاحتمال وقد ظهر لي أن قول من قال لا يجب حد ولا لعان بنفي الولد عن أبيه إذا لم يصرح بالزنا محمول على حالة الرضا، وقول من أوجبه وإن لم يصرح به محمول على حالة الغضب وبه يندفع إلزام التناقض على صاحب النهاية والدراية.
وإنما حملناه على ذلك لتصريحهم بالتفصيل في باب حد القذف - والله الموفق - بخلاف قوله وجدت معها رجلا يجامعها فإنه ليس بقذف لأن الجماع لا يستلزم الزنا.
وقيد بطلبها لأنها لو لم تطالبه فلا لعان لأنه حقها لدفع العار عنها فيشترط طلبها، ولا بد من كونه في مجلس القاضي، كذا في البدائع. ومراده طلبها إذا كان القذف بصريح الزنا أما بنفي الولد فالطلب حقه أيضا لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه. وأشار بعدم اشتراط الفور في الطلب إلى أن سكوتها لا يبطل حقها وإن طالت المدة لأن تقادم الزمان لا يوجب بطلان الحق في القذف والقصاص كما ذكره الأسبيجابي. وزاد في الجوهرة وحقوق العباد، وفي خزانة الفقه، ولو سكتت ولم ترفع إلى الحاكم كان أفضل وينبغي للحاكم أن يقول لها اتركي وأعرضي عن هذا لأنه دعاء إلى الستر فإن تركت مدة ثم خاصمت فلها ذلك كما في
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست