البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
وجب الأصل وهو الحد. وعندنا آية اللعان ناسخة للأولى في حق الزوجات لأن الخاص المتأخر عن العام ينسخ العام بقدره فلم تبق الآية الأولى متناولة للزوجات فصار الواجب بقذف الزوجة اللعان فأيهما امتنع عنه حبس حتى يأتي به كالمديون إذا امتنع عن إيفاء حق عليه، ولذا لما قذف هلال زوجته قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: البينة وإلا حد في ظهرك، فدل على أنه كان في الابتداء يوجب الحد كقذف الأجنبيات ثم لما نزلت آية اللعان انتسخ في حق الزوجات كما في البدائع والعناية.
قوله: (فإن لم يصلح شاهدا حد) لأنه لما تعذر اللعان لمعنى من جهته لا من جهتها صير إلى الموجب الأصلي وهو حد القذف. وعدم صلاحيته للشهادة بكونه عبدا أو محدودا في قذف أو كافرا بأن أسلمت ثم قذفها قبل عرض الاسلام عليه. قيدنا به لأن الزوج لو كان صبيا أو مجنونا فلا حد ولا لعان والأصل أن اللعان إذا سقط لمعنى من جهته، فإن كان القذف صحيحا وجب الحد عليه، وإن لم يكن القذف صحيحا فلا حد ولا لعان، كذا في البدائع. فلو قال فإن لم يصلح شاهدا وكان أهلا للقذف حد لكان أولى. وفي الينابيع:
زوجان كافران أسلمت المرأة ولم يسلم الزوج ولم يعرض القاضي الاسلام عليه حتى قذفها بالزنا وجب عليه الحد فإن أقيم بعض الحد ثم أسلم فقذفها ثانيا قال أبو يوسف: أقيم عليه بقية الحد ثم يلاعنا. وقال زفر: لا لعان بينهما. وفي النافع. وإن كانا ذميين فأسلمت المرأة وقذفها قبل أن يعرض الاسلام عليه فلا لعان ويجد الزوج، كذا في التتارخانية قوله: (وإن صلح وهي ممن لا يحد قاذفها فلا حد ولا لعان) لأنها إن لم تكن عفيفة فهو صادق في قوله وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو محدودة في قذف فلفقد أهليتها للشهادة، أما في الصغيرة والمجنونة فظاهر، وأما في المحدودة العفيفة فلان قذفه مع أهلية اللعان إنما يوجب اللعان فإذا امتنع لعدم أهليتها له امتنع الحد أيضا، وإن كانت ممن يحد قاذفها فلو قال وإن صلح وهي ليست أهلا للشهادة لكان أولى ليدخل المحدودة في قذف ولم تدخل في عبارته لأنها ممن يحد قاذفها كما لا يخفى. ولم يتعرض صريحا لما إذا لم يصلحا لأداء الشهادة وقد فهم من اشتراطه أولا أنه لا لعان. وأما الحد فإن كانا صغيرين أو مجنونين أو كافرين أو مملوكين فلا يجب، وأما إذا كانا محدودين في قذف فإنه يجب الحد عليه لأن امتناع اللعان لمعنى من جهته، وكذا
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست