البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٩٢
البدائع. ولا يخفى أن وجوب اللعان مقيد بعجزه عن إقامة البينة على زناها وعدم إكذاب نفسه بعده وعدم تصديقها له، فإن أقام بينة على زناها فإن كانوا أربعة رجال رجمت لو محصنة، وجلدت لو غير محصنة، وإن كانا رجلين فقط على إقرارها بالزنا يندرئ اللعان ولا تحد المرأة، وكذا لو كانا رجلا وامرأتين شهدوا على تصديقها فلا حد عليهما ولا لعان. وهذا كله إذا أقر بالقذف، فإن أنكره فأقامت رجلين وجب اللعان لا رجلا وامرأتين وإن لم يكن لها بينة لا يستحلف الزوج، ذكره الإمام الأسبيجابي رحمه الله. وتقبل شهادة الزوج على زناها مع ثلاثة إن لم يكن قذفها وإلا فلا تقبل، وتحد الثلاثة حد القذف ويلاعن الزوج ولو لم يقذفها وشهد مع ثلاثة غير عدول فلا حد عليه ولا على الثلاثة ولا لعان، كذا في المحيط.
وفيه أيضا: ولو شهدا على أبيهما أنه قذف ضرة أمهما لا تقبل لأنهما بشهادتهما يشهدان لامهما بخلوص الفراش لها لأن اللعان سبب الفرقة حتى لو كان أبوهما محدودا في قذف تقبل لأن هذا القذف موجب للحد دون اللعان قال: ولا بد في وجوب اللعان من أن لا يقذف أمها فلو قال لها يا زانية بنت الزانية وجب الحد لقذف أمها واللعان لقذفها فإن اجتمعا على المطالبة بدأ بحده ليسقط اللعان بخروجه عن أهلية الشهادة، وإن لم تطالب الام وطالبته المرأة وجب اللعان ويحد للام بطلبها بعده في ظاهر الرواية. وذكر الطحاوي أنه لا يحد بعد اللعان وهذا غير سديد لعدم المانع من إقامته، وإن كانت أمها ميتة فلها المطالبة بهما، فإن خاصمته فيهما بدأ بالحد ليسقط اللعان، وإن بدأت بالخصومة لنفسها وجب اللعان ثم لها المطالبة بقذف أمها فيحد له. وعلى هذا التفصيل لو قدف أجنبيه بالزنا ثم نكحها ثم قذفها فلها المطالبة باللعان والحد، كذا في البدائع. والحاصل أنه إذا اجتمع قذفان وفي تقديم موجب أحدهما إسقاط الآخر بدأ بالمسقط كما إذا قذفها وقذفته فإنه يبدأ بحدها ليسقط اللعان كما سيأتي في باب حد القذف. وفي المحيط: لو قال لها أنت طالق ثلاثا يا زانية وجب الحد ولا لعان، ولو قال يا زانية أنت طالق ثلاثا فلا حد ولا لعان ا ه‍. ولو قال قذفتك قبل أن أتزوجك أو قد زنيت قبل أن أتزوجك فهو قذف في الحال فيلاعن. وما في خزانة الأكمل من أنه يلاعن في قوله زنيت ويحد في قوله قذفتك قبل أن أتزوجك أوجه، كذا في فتح القدير.
قوله: (فإن أبى حبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيحد) لأنه حق مستحق عليه وهو قادر على إيفائه فيحبس حتى يأتي بما هو عليه أو يكذب نفسه ليرتفع السبب في اللعان وهو التكاذب هكذا قالوا. والتحقيق أن القذف هو السبب فإن التكاذب شرط. قيد وجوب الحد
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست