البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
عن إحداهن وأطعم عن أخرى وكسا عن أخرى أو أعتق عنها عبدا ولا ينوي كل واحدة بعينها جاز استحسانا حلافا لزفر نظرا إلى أنهما مختلفان ونحن نقول: الجنس متحد فهو كالصوم بخلاف صلاة الظهر لأن نية التعيين ثمة لم تشترط باعتبار أن الواجب مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجبة عليه ولا يمكنه مراعاة الترتيب إلا بنية التعيين حتى لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت تكفيه نية الظهر لا غير، كذا في المحيط. وهو تفصيل حسن في الصلوات ينبغي حفظه.
والحاصل أنه إذا نوى شيئين فإن كانا فرضين لم يصح اتفاقا، وإن كان أحدهما فرضا والآخر نفلا فعند أبي يوسف يقع عن الأقوى، سواء كان الأقوى يتأدى بمطلق النية كالصوم والحج أو لا كالصلاة. وعند محمد في الأول يقع عن الفرض لأنه لما بطلت النيتان للتعارض بقي مطلق النية، وفي الثاني لم يصح. وفي فتح القدير: ومما يعكر على الأصل الممهد ما عن أبي يوسف في المنتقى: لو تصدق عن يمين وظهار فله أن يجعله عن أحدهما استحسانا وقدمنا في باب شروط الصلاة مسائل من هذا النوع فارجع إليه. وقولهم هنا لو نوى ظهرا وعصرا وصلاة جنازة بواو العطف في صلاة الجنازة لأنها لو كانت بأو لم يصح لأنهم قالوا: لو نوى ظهرا أو صلاة جنازة كان عن الظهر كما قدمناه. ثم اعلم أن قولهم إن نية التعيين في الجنس الواحد لغو يرد عليه ما لو كان عليه كفارتا ظهار لامرأتين فأعتق عبدا عن إحداهما صح التعيين وله أن يطأ التي كفر عنها دون الأخرى ولم يجب عنه في فتح القدير وهو بناء على ما فهمه من ظاهر العبارة أن المراد أن نية تعيين بعض الافراد في الجنس المتحد لغو، وقد قرر المراد في النهاية بما يدفع الابراء فقال: أراد به تعميم الجنس بالنية ألا ترى أنه إذا عين ظهار إحداهما للتكفير صح وحل له قربانها، كذا في الفوائد الظهيرية. والله أعلم.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست