البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٩٠
مقام حد القذف في حقه إن كان كاذبا وهي صادقة، وقائم مقام حد الزنا في حقها إن كانت كاذبة وهو صادق فافهم. وفي البدائع: وأما شرائط وجوب اللعان فبعضها يرجع إلى القاذف خاصة، وبعضها إلى المقذوف خاصة، وبعضها إليهما جميعا، وبعضها إلى المقذوف به، وبعضها إلى المقذوف فيه، وبعضها إلى نفس القذف. أما الأول فواحدة وهو عدم إقامة البينة على صدقه، وأما الثاني فإنكارها وجود الزنا منها وعفتها عنه، وأما الثالث فالزوجية بينهما والحرية والعقل والاسلام والبلوغ والنطق وعدم الحد في قذف، فلا لعان في قذف المنكوحة فاسدا، ولا بقذف المبانة ولو واحدة بخلاف قذف المطلقة رجعيا، ولو قذف زوجته بزنا كان قبل الزوجية وجب اللعان ولا لعان بقذف زوجته الميتة. وقال الشافعي: يلاعن على قبرها.
وأما ما يرجع إلى المقذوف به فهو الزنا، وأما المقذوف فيه فدار الاسلام، وأما نفس القذف فالرمي بصريح الزنا وسيأتي في الحدود.
قوله: (ولو قذف زوجته بالزنا وصلحا شاهدين وهي ممن يحد قاذفها أو نفى نسب الولد وطالبته بموجب القذف وجب اللعان) أي بصريح الزنا الموجب للحد في الأجنبية، فلو قذفها بعمل قوم لوط فلا لعان عنده، وعندهما يجب اللعان بناء على الحد كما في البدائع. وفي التتارخانية: رجل قذف امرأة رجل فقال الزوج صدقت هي كما قلت كان قاذفا حتى يلاعن، ولو قال صدقت مطلقا من غير زيادة لم يكن قاذفا ا ه‍. وضمير صلحا للزوجين.
وأطلقها فشمل غير المدخولة والمراد صلاحيتهما لأدائها على المسلم لا للتحمل فلا لعان بين كافرين وإن قبلت شهادة بعضهم على بعض عندنا لأن اللعان شهادات مؤكدات بالايمان فلا يكتفي بأهلية الشهادة بل لا بد معها من أهلية اليمين والكافر ليس من أهل الكفارة، كذا في البدائع. ولا بين كافرة ومسلم ولا بين مملوكين ولا إذا كان أحدهما مملوكا أو صبيا أو مجنونا أو محدودا في قذف، ولا يرد عليه لعان الأعمى والفاسق فإنه يجري بين الأعميين والفاسقين مع أنهما لا تقبل شهادتهما لأنهما من أهل الأداء إلا أنه لا تقبل للفسق في الفاسق ولعدم التمييز في الأعمى حتى لو قضى قاض بشهادة الفاسق والأعمى صح قضاؤه بخلاف ما إذا قضى بشهادة المملوك أو الصبي فإنه لا يصح، ولم يحتج إلى التمييز لأن المشهود عليه الزوجية وهو قادر على أن يفصل بين نفسه وامرأته. وروى ابن المبارك عن الإمام الأعمى لا يلاعن.
وقيد بكونها ممن يحد يقاذفها احترازا عما لو كانت وطئت بنكاح فاسد وكان لها ولد وليس له أب معروف أو زنت في عمرها ولو مرة أو وطئت وطئا حراما ولو مرة بشبهة لا يجري
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست