البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٧٨
المحيط من الحيض، وقد أفاد كلامه أن كل صوم شرط فيه التتابع نصا فحكمه كالكفارة فإذا أفطر فيه يوما بطل ما قبله ولزمه الاستقبال كالمنذور المشروط فيه التتابع معينا أو مطلقا بخلاف المعين الخالي عن اشتراطه فإن التتابع فيه وإن لزم لكن لا يستقبل إذا أفطر فيه يوما كرجب مثلا لأنه لا يزيد على رمضان وحكمه ما ذكرنا كما في فتح القدير من الايمان. وأراد بعدم الوجود عدما مستمرا إلى فراغ صوم الشهرين حتى لو قدر على الاعتاق في اليوم الأخير قبل غروب الشمس وجب عليه الاعتاق وكان صومه تطوعا والأفضل إتمامه، وإن أفطر لا قضاء عليه لأنه شرع فيه مسقطا لا ملتزما خلافا لزفر. وقيد الصوم بعدم الوجود لأنه غير جائز من القادر على التحرير لترك الواجب في قوله تعالى * (فتحرير رقبة) * [النساء: 29] إذ المعنى فالواجب عليه تحرير رقبة لا عملا بمفهوم الشرط كما لا يخفى. واليسار والاعسار معتبران وقت التكفير أي الأداء لا وقت الوجوب كمذهب أحمد، ولا أغلظ الحالين كمذهب الشافعي، لأن القدرة إنما يحتاج إليها للأداء فيشترط وجودها وعدمها عند الأداء، وفي المحيط: لو صام بالأهلة فاتفق تسعة وخمسين يوما جاز، ولو صام بغير الأهلة تسعة وخمسين يوما يصوم ثانيا لأن الأصل اعتبار الشهر بالأهلة، فإن غم الهلال اعتبر كل شهر ثلاثين يوما ا ه‍. وينبغي أن يقال: فاتفق ثمانية وخمسين جاز لجواز كون كل منهما تسعة وعشرين يوما وقد أفاده في التتارخانية.
قوله: (فإن وطئ فيهما ليلا أو يوما ناسيا أو أفطر استأنف الصوم) أي وطئ المظاهر منها عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: الشرط عدم فساد الصوم فلو جامعها ليلا أو نهارا ناسيا لا يستأنف. والصحيح قولهما لأن المأمور به صيام شهرين متتابعين لا مسيس فيهما فإذا جامعها في خلالهما لم يأت بالمأمور به وإذا أفطر في خلالهما انقطع التتابع. أطلق في الليل فشمل العمد والنسيان كما صرح به في البدائع، والتقييد بالعمد في أكثر الكتب اتفاقي لا للاحتراز عنه كما في بعض شروح المجمع فاحترز منه فإنه غلط، وقد صرح في غاية البيان والعناية بأنه قيد اتفاقي. وقيد بالنسيان في اليوم لأنه لو جامعها نهارا عمدا استأنف اتفاقا لوجود المسيس عندهما ولفساد الصوم عنده. وإنما لم يعف عن النسيان في وطئ المظاهر منها كما عفى عنه في الصوم لأنه في الصوم على خلاف القياس للحديث فلا يلحق به غيره. ولو قال المصنف ولو جامعها فيهما مطلقا أو أفطر استأنف لكان أولى ومن التطويل أعرى. قيدنا بوطئ المظاهر منها لأنه لو وطئ غيرها فيهما فإن بطل صومه كأن كان نهارا عامدا دخل تحت قوله أو أفطر فيستأنف وإلا لا وهذا بالاتفاق. وقيد بكفارة الظهار لأنه لو وطئ وطئا لا يفسد الصوم في كفارة القتل لم يستأنف كما في الجوهرة. وأطلق في
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست