البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٩٥
إحرام العمرة فيصير جامعا بين العمرتين من حيث الافعال فلزمه الرفض كما لو أحرم بهما أو جامعا بين حجتين إحراما فعليه أن يرفض الثانية كما لو أحرم بحجتين ولزمه القضاء لصحة الشروع ودم للرفض بالتحلل قبل أوانه، وقد شبهوا فائت الحج بالمسبوق فإنه مقتد تحريمة حتى لا يجوز اقتداء الغير به، ومنفرد أداء حتى تلزمه القراءة والله تعالى أعلم.
باب الاحصار هو والفوات من العوارض النادرة فأخرهما وقدم الاحصار لأنه وقع له عليه السلام دون الفوات. واختلف في معناه اللغوي، فقيل الاحصار للمرض والحصر للعدو وعليه فقوله تعالى * (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى) * (البقرة: 196) لبيان حكم المرض وألحق به الحصر بالعدو دلالة بالأولى لأن منع العدو حسي لا يتمكن معه من المضي بخلافه مع المرض إذ يمكن بالمحمل والمركب. والأكثر على أن الاحصار هو المنع، سواء كان من خوف أو مرض أو عجز أو عدو، واختاره في الكشاف. وفي المغرب: الحصر المنع من باب طلب يقال أحصر الحاج إذا منعه خوف أو مرض من الوصول لاتمام حجته أو عمرته، وإذا منعه سلطان أو مانع قاهر في حبس أو مدينة قيل حصر. هذا هو المشهور. وفي الشريعة هو منع الوقوف والطواف. قوله: (لمن أحصر بعدو أو مرض أن يبعث شاة تذبح عنه فيتحلل) لما تلونا من الآية. وأفاد بذكر اللام دون على أنه لو صبر ورجع إلى أهله بغير تحلل إلى أن يزول الخوف فإنه جائز، فإن أدرك الحج وإلا تحلل بالعمرة، فالتحلل بذبح الهدي إنما هو للضرورة حتى لا يمتد إحرامه فيشق عليه كما ذكره الشارح، فما وقع في المبسوط من التعبير به على في غير محله. وأشار بذكر العدو والمرض إلى كل منع فيكون محصرا بهلاك النفقة وموت محرم المرأة أو زوجها في الطريق. وشرط في التجنيس عدم القدرة على المشي فيما إذا سرقت النفقة فإن قدر عليه فليس بمحصر. وعلله في المبسوط بأنه لا يبعد أن لا يلزمه المشي في الابتداء ويلزمه بعد الشروع كما لا تلزمه حجة التطوع ابتداء ويلزمه الاتمام إذا شرع فيها.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست