البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٠٩
كتاب الطلاق لما ذكر النكاح وأحكامه اللازمة والمتأخرة عنه شرع فيما به يرتفع، وقدم الرضاع لأنه يوجب حرمة مؤبدة بخلاف الطلاق تقديما للأشد على الأخف. وهو في اللغة يدل على الحل والانحلال. يقال أطلقت الأسير إذا حللت إساره وخليت عنه فانطلق أي ذهب في سبيله، وطلق الرجل امرأته تطليقا فهو مطلق فإن كثر تطليقه للنساء قيل مطليق ومطلاق والاسم الطلاق، فطلقت هي تطلق من باب قتل، وفي لغة من باب قرب فهي طالق بغير هاء. قال الأزهري: وكلهم يقول طالق بغير هاء قال: وأما قول الأعشى:
أيا جارتا بيني فإنك طالقه * كذاك أمور الناس غاد وطارقه فقال الليث: أراد طالقة غدا وإنما اجترأ عليه لأنه يقال طلقت فحمل النعت على الفعل. وقال ابن فارس أيضا: امرأة طالق طلقها زوجها، وطالقة غدا فصرح بالفرق لأن الصفة غير واقعة. وقال ابن الأنباري: إذا كان النعت منفردا به الأنثى دون الذكر لم تدخله الهاء نحو طالق وطامث وحائض لأنه لا يحتاج إلى فارق لاختصاص الأنثى به وتمامه في المصباح. وبه اندفع ما ذكره في الصحاح من أنه يقال طالق وطالقة قالوا: إنه استعمل في النكاح بالتطليق وفي غيره بالاطلاق حتى كان الأول صريحا والثاني كناية فلم يتوقف على النية في طلقتك وأنت مطلقة بالتشديد وتوقف عليها في أطلقتك ومطلقة بالتخفيف.
والتفعيل هنا للتكثير إن قاله في الثالثة ك‍ * (غلقت الأبواب) * (يوسف: 23) وإلا فللاخبار عن أول طلقه أوقعها فليس فيه إلا التوكيد. وفي المعراج: إنه اسم مصدر بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم ومنه قوله تعالى * (الطلاق مرتان) * (البقرة: 229) أو مصدر من طلقت المرأة
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست