البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٨٤
المتوجه قبل العجز عن تأمينها إنما هو خطاب الرد إلى المأمن ولا يزال متوجها ما كان قادرا لأن سقوط الامر إنما هو بفعل المأمور به ما لم يعجز ولم يوجه، فإذا عجز توجد خطاب الجزاء، وقد صرح بأن الاخذ ليس سببا للضمان بل القتل بالنص فالتكفير قبله واقع قبل السبب فلا يقع إلا نفلا، فإذا ماتت بعد أداء هذا الجزاء لزم الجزاء لأنه الآن تعلق خطاب الجزاء. هذا الذي أدين الله به وأقول: يكره اصطيادها إذا أدى الجزاء بعد الهرب ثم ظفر بها بشبهة كون دوام العجز شرط إجزاء الكفارة إلا إذا اصطادها ليردها إلى الحرم ا ه‍. وقد يقال: إنه لا يخلو إما أن يكون المخرج محرما أو حلالا، فإن كان محرما فلا شك أن سبب الضمان قد وجد وهو التعرض للصيد فإن الآية وإن أفادت حرمة القتل أفادت السنة حرمة التعرض قتلا أو غيره، ولهذا وجب الضمان بالدلالة وليست قتلا وقد صرحوا كما قدمناه بأن المحرم إذا جرح صيدا فكفر ثم مات فإنه لا يلزمه كفارة أخرى لأنه أدى بعد السبب وليس قتلا، وإن كان المخرج حلالا فالنص الحديثي أفاد حرمة التنفير كما قدمناه بقوله ولا ينفر صيدها ولم يخص القتل. والمراد من التنفير التعرض له فإنه حرام كالقتل وإن كان لا يجب عليه بالدلالة شئ فإذا أخرجها فقد اتصل فعله بها فوجد سبب الضمان فجاز التكفير، فإذا أدى الجزاء ملكها ملكا خبيثا ولهذا قالوا: يكره أكلها. وهي عند إطلاقهم منصرفة إلى الكراهة التحريمية فدل أنه يجب ردها إلى الحرم بعد أداء الجزاء، ولو كان القتل عينا سببا للجزاء لم يجب الجزاء بإخراجها وعدم قدرته على ردها إلى الحرم بهربها، فالظاهر ما ذهب إليه أئمتنا. وأشار المصنف رحمه الله تعالى بحكم الزيادة المنفصلة إلى الزيادة المتصلة كالسمن والشعر فإن أخرج حلال ظبية الحرم فازدادت قيمتها من بدن أو شعر ثم ماتت، فإن لم يؤد جزاءها قبل موتها فالزيادة مضمونة، وإن أدى جزاءها قبل موتها فهي غير مضمونة لأنه انعدم أثر الفعل بالتكفير حتى لو أنشأ الفعل فيها لم يضمن. ولو أخرجها من الحرم فباعها أو ذبحها أو أكلها جاز البيع والاكل ويكره، وحكم الزيادة عند المشتري قبل التكفير وبعده على ما ذكرناه قبل الشراء. كذا في المحيط. وهو كما قدمناه يفيد أن الاخراج من الحرم لما كان سببا للضمان كان سببا للملك ولو لم يؤد الجزاء. والظبية الأنثى من الظباء والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست