البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٩١
في وجوب الدم، وأما في وجوب العمرة فمقيد بما إذا لم يحج من سنته، أما إذا حج من سنته فلا عمرة عليه لأن وجوب العمرة مع الحج إنما هو لكونه في معنى فائت الحج، وإذا حج من سنته فليس في معناه كالمحصر إذا تحلل ثم حج في تلك السنة لا تجب العمرة عليه بخلاف ما إذا تحولت السنة. ووقع في نسخة الزيلعي الشارح أنه أبدل العمرة بالدم فقال:
إذا حج من سنته ينبغي أن لا يجب عليه الدم. وهو سبق قلم كما لا يخفى. والرفض الترك وهو من بابي طلب وضرب. كذا في المغرب.
قوله: (ومن أحرم بحج ثم بآخر يوم النحر فإن حلق في الأول لزمه الآخر ولا دم وإلا لزم وعليه دم قصر أو لا ومن فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى لزمه دم) بيان للجمع بين إحرامين لشيئين متحدين، وصرح في الهداية بأنه بدعة، وإفراط في غاية البيان فقال: إن الجمع بين الاحرامين لحجتين أو لعمرتين حرام لأنه بدعة اه‍. وهو سهو لما في المحيط: والجمع بين إحرامي الحج لا يكره في ظاهر الرواية لأن في العمرة إنما كره الجمع بين الاحرامين لأنه يصير جامعا بينهما في الفعل لأنه يؤديهما في سنة واحدة، وفي الحج لا يصير جامعا بينهما في الأداء في سنة واحدة فلا يكره اه‍. فإذا أحرم بحجة ووقف بعرفات ثم أحرم بأخرى يوم النحر فإن الثانية تلزمه مطلقا لامكان الأداء لأن الاحرام الثاني إنما يرتفض لتعذر الأداء ولا تعذر هنا في الأداء لأن إحرامه انصرف إلى حجة في السنة القابلة، فإن كان الاحرام الثاني بعد الحلق للأول فلا دم عليه لأنه أحرم بالثانية بعد التحلل من الأولى فلم يكن جامعا، وإن كان قبل الحلق لزمه دم عند أبي حنيفة مطلقا لأنه إن حلق للأولى فقد جنى على إحرام الثانية، وإن كان نسكا في إحرام الأولى وإن لم يحلق فقد أخر النسك عن وقته وهما يخصان الوجوب بما إذا حلق لأنهما لا يوجبان بالتأخير شيئا. وبهذا علم أن المراد بالتقصير في قوله قصر أولا الحلق وإنما اختاره اتباعا للجامع الصغير كما في غاية البيان، أو ليصير الحكم جاريا في المرأة لأن التقصير عام في الرجل والمرأة كما في
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست