البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٠
يده شئ لينوب عنه، فالحاصل أن فعل اليد الذي هو الاخذ لا يتصور أن يتضمنه فعل اللسان ويكون موجودا بوجوده بخلاف القول فإنه يتضمن ضمن قول آخر ويعتبر مراده معه وهذا ظاهر. وقول أبي اليسر وقول أبي يوسف أظهر لا يظهر. كذا في فتح القدير. وإنما يسقط القبض فيما قدمناه وهو أعتقه عني بألف ورطل من خمر لأن الفاسد ملحق بالصحيح في احتمال سقوط القبض. كذا في البدائع والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
باب نكاح الكافر لما فرغ من نكاح المسلمين بمرتبتيه الأحرار والأرقاء، شرع في بيان نكاح الكفار.
والتعبير بنكاح الكافر أولى من التعبير بنكاح أهل الشرك كما في الهداية لأنه لا يشمل الكتابي إلا على قول من يدخله في المشرك باعتبار قول طائفة منهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله رب العزة والكبرياء المنزه عن الولد. وههنا ثلاثة أصول: الأول أن كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح إذا تحقق بين أهل الكفر لتظافر الاعتقادين على صحته ولعموم الرسالة، فحيث وقع من الكفار على وفق الشرع العام وجب الحكم بصحته خلافا لمالك، ويرده قوله تعالى * (وامرأته حمالة الحطب) * (المسد: 4) وقوله عليه الصلاة والسلام ولدت من نكاح لا من سفاح كما في المعراج. الثاني أن كل نكاح حرم بين المسلمين لفقد شرطه كالنكاح بغير شهود أو في العدة من الكافر يجوز في حقهم إذا اعتقدوه وعند أبي حنيفة ويقران عليه بعد الاسلام. الثالث أن كل نكاح حرم لحرمة المحل كنكاح المحارم واختلف فيه على قوله، قال مشايخنا: يقع جائزا. وقال مشايخ العراق: يقع فاسدا وسيأتي قوله: (تزوج كافر بلا شهود أو في عدة كافر وذا في دينهم جائز ثم أسلما اقرا عليه) يعني عند أبي حنيفة، ووافقاه في الأول وخالفاه في الثاني لأن حرمة نكاح المعتدة مجمع عليها فكانوا ملتزمين لها، وحرمة النكاح بغير شهود مختلف فيها ولم يلتزموا أحكامنا بجميع الاختلافات، وبه اندفع قول زفر من التسوية بينهما. ولأبي حنيفة أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم لا يخاطبون
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست