البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٩٢
العناية. وإنما لزم الدم فيما إذا أحرم بعمرة بعد أفعال الأولى قبل الحلق لأنه جمع بينهما، وقد تقدم أنه مكروه في العمرتين دون الحجتين فلذا فرق في المختصر بين الحج والعمرة فأوجب في العمرة دما للجمع بين العمرتين ولم يوجبه في الحج لأنه لو أوجبه لأوجب دمين فيما إذا أحرم بالثاني قبل الحلق للأول دم لما ذكرناه سابقا ودم للجمع، وبه قال بعض المشايخ اتباعا لرواية الأصل، وما في المختصر اتباع للجامع الصغير فإنه أوجب دما واحدا للحج، وقد علمت فيما سبق عن المحيط أن الفرق بينهما ظاهر الرواية، وتعقبه في فتح القدير بأنه لا يتم لأن كونه يتمكن من أداء العمرة الثانية لا يوجب الجمع فعلا فاستويا، فالأوجه أنه ليس فيه إلا رواية الوجوب اه‍. وقيد بكونه أحرم للثاني يوم النحر لأنه لو أحرم بالثاني بعرفات ليلا أو نهارا رفض الثانية وعليه دم للرفض، وعمرة وحجة من قابل عندهما لأنه كفائت الحج، وعند محمد لا يصح التزامه الثانية. ثم عند أبي يوسف ارتفض كما انعقد، وعند أبي حنيفة ارتفض بوقوفه بعرفة. كذا في المحيط وهو ظاهر فيما إذا أحرم بالثاني يوم عرفة أو ليلة النحر ولم يكن وقف نهارا، وأما إذا أحرم ليلة النحر بعدما وقف نهارا فينبغي أن يرتفض عند أبي حنيفة بالوقوف بالمزدلفة لا بعرفة لأنه سابق وسبب الترك إنما يكون متأخرا. وقيد بتراخي إحرام الثانية عن الأول لأنه إن أحرم بهما معا أو على التعاقب لزماه عندهما، وعند محمد في المعية يلزمه إحداهما وفي التعاقب الأولى فقط، وإذا لزماه عندهما ارتفضت إحداهما ويثبت حكم الرفض. واختلفا في وقت الرفض، فعند أبي يوسف عقب صيرورته محرما بلا مهلة، وعند أبي حنيفة إذا شرع في الأعمال، وقيل إذا توجه سائرا، ونص في
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست