البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٨٥
باب مجاوزة الميقات بغير إحرام وصله بما قبله لأنه جناية أيضا لكن ما سبق جناية بعد الاحرام وهذه قبله. والميقات مشترك بين الزمان والمكان بخلاف الوقت فإنه خاص بالزمان، والمراد به هنا الميقات المكاني بدليل المجاوزة، وقد قدمنا أنه لا يجوز مجاوزة آخر المواقيت إلا محرما، فإذا جاوزه بلا إحرام لزمه دم أحد النسكين إما حج أو عمرة لأن مجاوزة الميقات بنية دخول الحرم بمنزلة إيجاب الاحرام على نفسه. ولو قال لله علي أن أحرم لزمه إما حج أو عمرة، فكذلك إذا وجب بالفعل كما إذا افتتح صلاة التطوع ثم أفسدها وجب عليه قضاء ركعتين كما لو أوجبها بالقول قوله: (من جاوز الميقات غير محرم ثم عاد محرما ملبيا أو جاوز ثم أحرم بعمرة ثم أفسد وقضى بطل الدم) أي من جاوز آخر المواقيت بغير إحرام ثم عاد إليه وهو محرم ولبى فيه فقد سقط عنه الدم الذي لزمه بالمجاوزة بغير إحرام لأن قد تدارك ما فاته. أطلق الاحرام فشمل إحرام الحج فرضا كان أو نفلا وإحرام العمرة. وأشار إلى أنه لو عاد بغير إحرام ثم أحرم منه فإنه يسقط الدم بالأولى لأنه أنشأ التلبية الواجبة عند ابتداء الاحرام، ولهذا كان السقوط متفقا عليه. وقيد بكونه ملبيا في الميقات لأنه لو عاد محرما ولم يلب في الميقات فإنه لا يسقط الدم عنه وهو قول الإمام لأنه لا يكون متداركا لما فاته إلا بها، وعندهما يسقط الدم مطلقا كما لو أحرم من دوبرة أهله ومر بالمواقيت ساكتا فإنه لا شئ عليه اتفاقا. وجوابه أن الاحرام من دوبرة أهله هو العزيمة وقد أتى به فإذا ترخص بالتأخير إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية. وأشار إلى أنه لو عاد محرما ولم يلب فيه لكن لبى بعدما جاوزه ثم رجع ومر به ساكتا فإنه يسقط عنه بالأولى لأنه فوق الواجب عليه في تعظيم البيت. وأطلق في العود فشمل ما إذا عاد إلى الميقات الذي جاوزه غير محرم أو إلى غيره أقرب أو أبعد لأن المواقيت كلها سواء في حق الاحرام، والأولى أن يحرم من وقته. كذا في المحيط. وقيدنا بكونه جاوز آخر المواقيت لما قدمناه في باب الاحرام أنه لا يجب إلا عند آخرها، ويجوز مجاوزة ميقاته بغير إحرام إذا كان بعده ميقات آخر. وترك المصنف قيدا لابد منه وهو أن يكون العود إلى الميقات قبل الشروع في الأعمال، فلو عاد إليه بعد ما طاف شوطا لا يسقط
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست